تعزيز دور الخدمة الاجتماعية في وزارة العدل

تُعتبر مهنة الخدمة الاجتماعية أحد المهن الهامة للمشاركة في تعزيز دور القضاء في عصرنا الحالي، ويتزايد أهمية عمل الاخصائي الاجتماعي داخل المكاتب الشرعية يومًا بعد يوم نظرًا للنتائج الإيجابية الملموسة خاصةً في حل النزاعات الزوجية، فالتجربة التي قدمتها لجان الإصلاح الأسري الموجودة في المحاكم حققت نجاحًا فائقًا، وهو ما دفع وزارة العدل إلى تعميمها وتوسيع نطاقها لتشمل جميع القضايا المطروحة في المحاكم.
يُساهم الأخصائي الاجتماعي بعملية إصلاح ذات البين، وهي مبدأ أساسي في الإسلام، فالأخصائي الاجتماعي يسعى إلى تحقيق الإصلاح والتآخي والمحبة، ويشجع على نبذ جميع عوامل الفرقة والشحناء، ويساعد في حل العديد من القضايا، حيث يُعيد الحقوق إلى أصحابها ويُحسم النزاع، مع المحافظة على التراضي والمحبة، ويُسهم في تجنب الخلافات وتخفيف العبء عن المحكمة. مما يتيح للقضاة التركيز على الدعاوى الهامة، وهذا هو بيت القصيد.
وجدير بالذكر أن مهام الأخصائي الاجتماعي تكمن في معاونة المحكمة في التوفيق بين الزوجين في حالات الطلاق والخلع والخلافات الأسرية الأخرى مثل قضايا الحضانة والنفقة، بالإضافة إلى تقديم التوجيه والإرشاد الفردي والجماعي بهدف التقليل من النزاعات الأسرية التي قد تصل إلى المحاكم والتي مما لا شك فيه أنها إذا تفاقمت هذه النزاعات في المجتمع قد تؤدي إلى انهيار الأسرة بل والمجتمع، ويعتبر هذا العمل جزءًا من مهمة التوعية الأسرية.
وعلى الصعيد الاخر تطرقت وزارة العدل إلى تعزيز وتحسين تجربة القضاء من خلال اتخاذ تدابير فعّالة تشمل إنشاء منصة تراضي ومراكز المصالحة بهدف تيسير عمليات التسوية وتشجيع الأطراف على حل النزاعات بطرق ودية بدلًا من اللجوء إلى المحكمة. وفي سياق ذلك، تأسست مراكز المصالحة لتوفير بيئة محايدة تسهل التواصل وتعزز فهم الأطراف المتنازعة.
تعمل وزارة العدل أيضًا على تفعيل مهنة الخدمة الاجتماعية وتعزيز دورها الحيوي في هذه المراكز، من خلال طرح “اختبار قياس كفايات المصلح المسجل” ترجمة للأهداف والمبادرات النوعية التي تسعى من خلالها وزارة العدل لرفع جودة الخدمات التي تقدمها، ورفع كفاءة عمل جهــات التقاضي، ويُعدُّ “اختبار كفايات المصلح المسجل” أحد المقاييس التي تطورها وتنفذها هيئـة تقويم التعليم والتدريب ممثلةً بالمركز الوطني للقياس بالشـراكة مـع وزارة العـدل، باختبار الكفايات تسعى وزارة العدل التحقق من أهلية وكفاءة المتقدمين وتوظيفهم وتدريبهم وتعزيز التعاون مع الجهات القانونية ذات الصلة. كما تدعم الحكومة وضع سياسات وتشريعات تعزز دور الخدمة الاجتماعية وتشجع على المشاركة الاجتماعية.
وعليه فإن من خلال هذه الجهود، يتم توجيه اهتمام وزارة العدل نحو تعزيز ثقافة المصالحة وتوفير بيئة ملائمة لتحقيق السلام والتفاهم، يشمل هذا السعي أيضًا تقديم دعم حكومي للمبادرات التي تعمل على تحسين تجربة العدالة وتشجيع على التسوية والتفاهم في المجتمع.
وبتقييم دوري لنتائج الخدمة الاجتماعية وتأثيرها، يعكس هذا النهج التفاعلي التزام وزارة العدل بتحقيق تحول إيجابي في نظام العدالة وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تفعيل دور المصالحة وتوجيه الاهتمام نحو الجوانب الاجتماعية في المحاكم الشرعية.

المراجع:
عن مركز المصالحة. (2024م). تم الاسترداد من تراضي: https://taradhi.moj.gov.sa/page/about-us#objective-of-center
مقياس كفايات المصلح المسجل. (2024م). تم الاسترداد من هيئة تقويم التعليم والتدريب: https://etec.gov.sa/ar/service/RegisteredConciliatorTest/servicegoal
هشام عبدالملك آل الشيخ. (25 ديسمبر, 2019). الخدمة الاجتماعية داخل المحاكم الشرعية. تم الاسترداد من جريدة الرياض: https://www.alriyadh.com/1006933

سارة إسماعيل اليماني

أخصائية اجتماعية مُصنفة من هيئة التخصصات الصحية، أطمح إلى تحقيق بيئة آمنة وداعمة تمكن الأفراد من النمو والتطور .
زر الذهاب إلى الأعلى