قوة الابتسامة: التأثير العاطفي والاجتماعي

هل فكرت يوماً ما كم مرة نبتسم في اليوم ؟
الابتسامة هي جزء من لغتنا غير اللفظية، فهي تُستخدم يومياً، وتغير مظهرنا ومن دون ملاحظة أنها تملأنا بالطاقة الإيجابية، وإذا بحثنا عن تعريفها الرسمي، فإننا نشير إلى تلك الإيماءة من الفرح أو السعادة أو اللذة التي تتم عن طريق ثني الفم إلى الأعلى كما لو كان يضحك، ولكن قليلاً ودون إصدار أي صوت إنه شيء بسيط للغاية، وكثيراً ما ننسى أن الإبتسامة هي طريقة جسدنا لإظهار السعادة كما أنها تعكس صحتنا الجسدية والعقلية، و الابتسامة أداة قوية للغاية إنها مجانية ومفيدة، والأهم من ذلك: أنها معدية تزيد من طاقتنا الإيجابية وتمنع الاكتئاب وتعزز العلاقات الاجتماعية.
و رسولنا صلى الله عليه وسلم هو أعظم الناس قدراً، وأعلاهم شرفاً، وأشرحهم صدراً، وكان يملك قلوب أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بوجهه البسَّام، وابتسامته المشرقة، وكلماته الطيبة، وقد قال الله تعالى عن حاله مع أصحابه: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }(آل عمران من الآية: ١٥٩)، وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ: “كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دائم الْبِشْرِ، سهل الخُلُق، لَيِّنَ الجانب”
وكما نرى، كلها فوائد يمكننا ممارستها على أساس يومي، في المنزل، مع العائلة، في مكان العمل، في المدرسة، الابتسامة هي نقطة التحفيز المثالية لبدء أي نشاط.
الموقف الإيجابي ضروري في العصر الذي نعيش فيه، و لسوء الحظ نجد أنفسنا أحياناً محاطين بهالة من السلبية بناءً على الأحداث المحيطة بنا، مثل المخاوف الاقتصادية والسياسية والبيئية والصحية وما إلى ذلك.
لذلك يجب علينا دائماً أن نبحث عن الجانب الإيجابي للأشياء، وأن نرى نصف الكوب المملوء، حتى لو كان ذلك يكلفنا الكثير من العمل أحياناً، و دائما هناك شيء يجعلنا نبتسم إن مهمتنا هي البحث عن الجزء الجيد من كل ما يحيط بنا، وفي نهاية اليوم يجب علينا تحليل المواقف الإيجابية التي مررنا بها طوال اليوم والذهاب إلى النوم والابتسامة على وجوهنا.
ولم يكتفِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يكون قدوة عملية في الابتسامة، بل إنه دعا إليها وحثَّ عليها بقوله، فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة ) رواه الترمذي .
الابتسامة ضرورية في مجالات الحياة مختلفة:
ـ مكان العمل، تعتبر الابتسامة علامة على الثقة و تشجع التعاون و تساعدك في عملك، على اعتبار أن القيام بالأشياء بطريقة إيجابية يساهم في إنجازها بشكل أفضل.
ـ التعليم، تولد الابتسامة التواصل الإيجابي مع الشخص الذي ينقل المعرفة، كما تشجيع على التطور العاطفي للفتيان والفتيات في مراحل الطفولة المختلفة، فمثلاً تعمل على إنشاء الثقة في المرحلة الابتدائية و تعمل على بناء الثقة تجاه المراهقين.
ـ العلاقات الشخصية، تكون الابتسامة جذابة، عكس العبوس كما إنها معدية. إن ابتسام الآخرين يجعلك أكثر تعاطفاً معهم، وتتفهم مواقفهم و تساعدك على تعزيز الصبر لديك.
ـ البيئة العائلية، إنها تحسن العلاقة بين الآباء والأبناء، وتمنح الصفاء بينهم وتعزز جواً مريحاً يتدفق فيه كل شيء بشكل أفضل، كما أن مضايقات الحياة اليومية تصبح أقل عبئاً.
ـ شخصياً، تساعدك على الاسترخاء و تساعدك على بدء يومك بطريقة ممتعة، حيث أن عقلك يشعر بالتحسن دون وعي عندما تبتسم.
ـ على الصعيد الجسدي والعاطفي، فهي تشجع وتعزز روح الدعابة لديك، و تجعلك ترى مواقف مضحكة أينما كنت، وتساعد جهازك المناعي على العمل بشكل أفضل وتقلل المعاناة الجسدية والعقلية، و تعمل الابتسامة التي يتم الحفاظ عليها جيداً على تحسين جاذبيتك الجسدية بشكل كبير.
لقد ولدنا مبتسمين، الابتسامة تجذب الأشياء الإيجابية في الحياة، إنها بمثابة مغناطيس للمشاعر الطيبة لكل من الأشخاص، وجميع أنواع الأشياء غير المادية: الحظ والسعادة وما إلى ذلك.
إن الأمر في أيدينا لتحفيز ظهور أحد أفضل المشاعر الموجودة في الحياة ألا و هو “الفرح” وهو الشيء الوحيد الذي يجب أن نهتم به في هذه الحياة.

عيسى العيسى الحداد

عامل اجتماعي خريج جامعة جيان بإسبانيا، حاصل على درجة الماجستير في التبعية والمساواة في الاستقلال الشخصي، حاليا طالب دكتوراة في الرعاية الاجتماعية و الصحية الشاملة.
زر الذهاب إلى الأعلى