عندما يصبح الأخصائي الاجتماعي رسامًا

هل تخيلت يومًا أن يتحول الأخصائي الاجتماعي إلى رسام؟

وكيف يمكن أن تلتقي الفرشاة مع رسالته الإنسانية والاجتماعية؟

قد يبدو ذلك غريبًا للوهلة الأولى، ولكن حينما نتأمل أكثر، نجد أن الرسم هو أداة قوية للتعبير فالرسم يُعد تخطيًا للكلمات التي لا يستطيع الناس الإفصاح عنها، الرسم ليس مجرد ألوان تُنثر على اللوحات؛ بل هو لغة تحمل معاني عظيمة وعميقة تُعبّر عن المشاعر والتجارب التي يصعب البوح بها.

عندما يتقن الأخصائي الاجتماعي استخدام الرسم كوسيلة في عمله الاجتماعي، فإنه يُضيف بُعدًا إبداعيًا يعزز دوره المهني، يمكنه من خلاله التعبير عن القضايا الاجتماعية، وفي الحقيقة يمكن أن تكون لوحاته منصة تُعبر عن المشكلات التي يواجهها المجتمع، مثل الفقر، الصراعات النفسية والاجتماعية وغيرها، ومن البديهي أن يتمكن الأخصائي من إضافة بُعد بصري قوي لرسالته الاجتماعية والإنسانية.

على سبيل المثال، قد يقوم الطفل برسم ما يشعر به بدلًا من التعبير بالكلام، وهنا يكمن دور الأخصائي الاجتماعي في قراءة تلك الرسالة الخفية التي تعبّر عنها الألوان والأشكال، بالإضافة إلى الجلسات الجماعية، قد تتحول اللوحات الفنية إلى أداة إنسانية مشتركة للتعبير عن هموم المجتمع أو الجماعة، نافذة تسلط الضوء على الصعوبات والبحث عن الحلول المناسبة.

أيضًا يمكن الرسم أن يلعب دورًا في مساعدة الأفراد والمجتمعات على التعبير عن أنفسهم واستعادة ثقتهم بأنفسهم، عندما يصبح الرسم جزءًا من العمل الاجتماعي، فإنه يفتح طرقًا للتواصل تتجاوز اللغة التقليدية ويساعد على كسر الحواجز، يشعر الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التواصل براحة أكبر عند التعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم. من خلال ذلك، يمكن للأخصائي الاجتماعي الرسام أن يساهم في بناء بيئة داعمة تعزز تماسك المجتمع.

من وجهة نظري أرى أن الرسم يمتلك قوة فريدة للتعافي، يُمكن أن يوفر الراحة ويخفف من القلق والتوتر، وفي الوقت نفسه، يمكن أن تكون أداة لرفع الوعي الاجتماعي من خلال عرض لوحات معبرة عن أهم القضايا في المجتمعات.

عندما يصبح الأخصائي الاجتماعي رسامًا، فهو لا يُبدع في الرسم فحسب، بل يُبدع في تحقيق رسالته الإنسانية بأسلوب شيق، فإنه بذلك يُعيد تعريف دوره المهني ليكون أكثر قربًا للأفراد وأكثر تأثيرًا في المجتمعات.

 

فهل يمكن أن نرى مستقبلًا يلتقي فيه الإبداع الفني والخدمة الاجتماعية كحليفين لإحداث التغيير؟

 

وهنا يبرز دورنا كمختصين في هذا المجال، إذ نسعى جاهدين لدمج الفن في مهنة الخدمة الاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى