خضوع نفسك للنقد الذاتي، ليس خيارًا
” حبل مشنقة أو طوق نجاة! ”
لنوضح أنه رغم النقد الذاتي يُعد سلوكًا صحيًا لزيادة الوعي بالذات وتحقيق النمو الشخصي عبر التعلم من الأخطاء واكتشاف زوايا ضعف الذات ومحاولة التغلب عليها فإنه قد يكون أيضًا حاجزًا أمام تقدير الذات وراحة البال! إذ قد يمنع الشخص من الإيمان بقدراته الشخصية ويعيق حركته ويخوفه من المخاطرة والتقدم بحياته إلى الأمام.
هل يرتبط النقد الذاتي بتجارب الطفولة؟
ترجع الجذور الأولية للنقد الذاتي غالبًا إلى التجارب السلبية التي يمر بها الشخص في مراحل طفولته المبكرة مع الآباء والأمهات والأقارب وغيرهم
وقد تؤثر نزعة السيطرة لدى الآباء على التصورات الذاتية للطفل وشعوره المنخفض بذاته ويغدو الطفل أكثر عرضة للنمو مع مستويات مرتفعة من النقد الذاتي لنفسه وللآخرين وعندما يشعر بالرفض أو يتعرض للانتقاد بصورة متكررة أو لا يُعامل بالدفء من قبل والديه، والعكس صحيح كذلك فيصبح الطفل أكثر عرضة لتطوير الثقة بالنفس والشعور بالأمان والاستقلالية في خياراته عندما يُمنح الاستقلالية والتشجيع من والديه وتتاح له فرصة التجربة وارتكاب الأخطاء دون اللوم والانتقاد المستمر.
ويُقسم النقد الذاتي إلى قسمين:
١-النقد المقارن
٢-النقد الداخلي
عندما نتكلم عن النقد الذاتي المقارن فهو على مقارنة الشخص ذاته بذوات الآخرين، وإيجاد ما تفتقده ذاته من خلال هذه المقارنة، وعادة ما يميل الشخص الذي ينتقد ذاته انتقادًا مقارنًا إلى تقدير ثقته بنفسه بناء على تخيُّله للطريقة التي ينظر بها الآخرون إليه فعند اعتقاده بأن بعض الأشخاص ينظرون إليه بطريقة سلبية تتكيف ذاته لتعكس هذا التصور لنفسه!
و من الناحية الأخرى يكون النقد الذاتي الداخلي على شعور الشخص الدائم بالنقصان إذا رأى أن ذاته لا ترقى إلى المعايير الشخصية والمُثل العليا وينظر دائمًا إلى أي نجاح يحققه “ما دام لم يصل إلى حد الكمال” على أنه مجرد فشل جديد لا يرقى إلى النجاح للتوضيح على سبيل المثال: عندما يشعر الطالب الذي يعاني من النقد الذاتي الداخلي بالفشل عند حصوله على ثاني أعلى درجة في اختبار ما، فأي شيء لم يصل فيه إلى الكمال ما هو إلا مجرد فشل وفقًا لمعاييره “الخاطئة”
هل يندرج النقد الذاتي ضمن أمراض الصحة العقلية؟
رغم أن النقد الذاتي جزءًا طبيعيًا من الحياة لكن النقد الذاتي المُفرط في صورته المزمنة يسبب الكثير من الأمراض المتعلقة بالصحة العقلية، مثل اضطرابات القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى اضطراب العلاقات الشخصية ..
كيفية التعامل مع النقد الذاتي:
١- تغيير علاقتك مع أفكارك لا محتواها:
من الطبيعي أن تترك الأحداث الأليمة والكارثية آثارًا نفسية، لكن الأشخاص الذين يتقبلون مشاعرهم ويحسون بها أقل عُرضةً للمعاناة.
٢-التعامل مع أصوات النقد الذاتي بوصفها أفكار شخصٍ آخر:
لما يهاجمك النقد الذاتي ليخبرك بأنك مثلًا “فاشل”، أفعل ما تفعله في أي وضع طبيعي حين يتحدث معك أي أحد عوضًا عن موافقته الرأي أو جداله ، اسأله من الذي يقول هذا؟ لست أنت من يقول ذلك عن عمد ولم تقرر التفكير في تلك الأمور، بل ظهرت من تلقاء نفسها.
٣- التعامل مع الانتقادات بوصفها مجرد كلمات:
لو كانت حقيقة فلا بأس بأن تتصرف بناءً عليها، ولكن طالما أنها مجرد (فكرة) فكررها حتى تفهم تمامًا أن لا أساس لها في الواقع.
٤- مشاركة أفكار النقد الذاتي:
هي غالبًا معالجة بالتقبل والالتزام تساعد في جلسات العلاج الجماعي، هؤلاء هم أشخاص يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة ويواجهون أقسى أنواع النقد الذاتي.
بالنهاية
-يمكننا أن نعزِّي أنفسنا بمعرفة أن الجميع يسمعون صوت النقد الذي يخاطبهم من الداخل-