توازن إنساني مهني
تعد علاقة الأخصائي الاجتماعي بالعميل في ميدان الخدمة الاجتماعية جوهر التدخل المهني، حيث ترتكز هذه العلاقة على أسس تجمع بين الجوانب العاطفية والعقلية في آنٍ واحد، مما يجعلها علاقة مميزة وغير تقليدية. فهي ليست مجرد علاقة وجدانية متحيزة تهدف إلى إرضاء العميل، ولا علاقة نفعية مسيطرة تستهدف تحقيق مصالح الأخصائي أو فرض سلطته، ولا هي علاقة عقلية معرفية بحتة تُعنى فقط بجمع المعلومات وتحليلها. بل إن هذه العلاقة تمثل نمطًا فريدًا يجمع بين مختلف الجوانب، لتحقيق أهداف محددة بأسلوب مهني.
ماهي الجوانب المميزة للعلاقة المهنية بين الأخصائي الاجتماعي والعميل؟
١- الجوانب العاطفية غير المتحيزة:
تقتضي العلاقة المهنية أن يتحلى الأخصائي الاجتماعي بالتعاطف الإيجابي مع العميل دون الانغماس في مشاعر متحيزة أو مفرطة. فالأخصائي يضع نفسه في موضع العميل ليفهم مشاعره واحتياجاته، لكنه في ذات الوقت يحتفظ بمسافة مهنية تتيح له التفكير العقلاني واتخاذ القرارات المناسبة. هذه الجوانب العاطفية تضمن للعميل الشعور بالقبول والاحترام، وهو ما يعزز من ثقته في الأخصائي وقدرته على مساعدته وفي العملية العلاجية.
٢- غياب السيطرة أو النفعية:
العلاقة بين الأخصائي الاجتماعي والعميل خالية من أي أهداف نفعية أو محاولة لفرض السيطرة. فالأخصائي لا يسعى لتحقيق مصالح شخصية، ولا يفرض قراراته على العميل. بدلًا من ذلك، يعمل على تمكين العميل من اتخاذ قراراته بنفسه لأن الخدمة الاجتماعية مهنة معروضة وليست مفروضة، ويطور من قدراته لمواجهة التحديات وحل مشكلاته بأسلوب يتسم بالاستقلالية.
٣- التوازن بين العاطفة والعقل:
من أبرز سمات هذه العلاقة أنها توازن بين الجانبين العاطفي والعقلي. فعلى الرغم من أن الأخصائي الاجتماعي يظهر التعاطف مع العميل، إلا أنه يعتمد في الوقت ذاته على مهارات التفكير المنطقي والتحليل لاستيعاب المشكلة ووضع خطة مهنية لحلها. هذا التوازن يعزز من فعالية التدخل المهني ويضمن تحقيق النتائج المرجوة.
٤- الالتزام بالمهنية لتحقيق هدف معين:
العلاقة بين الأخصائي والعميل ليست عشوائية، بل تتم وفق خطة مهنية مدروسة تهدف إلى تحقيق نتائج محددة. يتم ذلك من خلال تطبيق أساليب مهنية مبنية على أسس علمية، مع مراعاة خصوصية العميل وظروفه الشخصية والاجتماعية.
ما أهمية العلاقة المهنية في عملية التدخل المهني؟
تكمن أهمية هذه العلاقة في كونها الأداة الرئيسية التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي لفهم مشكلات العميل والعمل على حلها. فهذه العلاقة توفر بيئة آمنة يستطيع العميل من خلالها التعبير عن مشاعره واحتياجاته دون خوف من الحكم أو النقد. كما أنها تتيح للأخصائي فرصة لتطبيق معارفه ومهاراته المهنية بفعالية، مما يساهم في تحسين نوعية حياة العميل وتعزيز تكيفه الاجتماعي.
ختامًا
إن علاقة الأخصائي الاجتماعي بالعميل هي نموذج فريد يدمج بين العقلانية والعاطفة لتحقيق أهداف مهنية تخدم مصلحة العميل. هذه العلاقة ليست مجرد وسيلة للتفاعل، بل هي حجر الأساس الذي تقوم عليه عملية التدخل المهني في الخدمة الاجتماعية. ومن خلال هذا النهج المتوازن والموجه نحو الهدف، يتمكن الأخصائي الاجتماعي من إحداث ذلك التأثير الإيجابي والمستدام في حياة العميل.