هل تفضّل الظّلام على الإطلالة في فصل الربيع!
هل سألتَ نفسك فيما إذا كنتَ تعيش في منطقة صحيّة وآمنة بالنسبة إلى علاقاتك فيما حولك؟
هناك ما يسمّى بالأشخاص السلبيين المحاطين بنا دون أن ندري بذلك، فهل يمكنك أن تكتشف فيما لو أثّر أحدهم عليك في قرار أردت اتخاذه، أو خطوة أردتَ تحقيقها.
لا أخفيكَ أنّ وجود الأشخاص السلبيين كثُر في حياتنا، وما يثير الانتباه أنّه في بعض الأحيان لا يمكننا أن ندرك ذلك إلّا مؤخّرًا، وبعد فوات الأوان، لكن بنظرة واحدة على نفسك وحياتك خلال ارتباطك بهكذا شخص ستعرف أنّك مع الشخص الخاطئ الذي لا بدّ أن تخرجه خارج إطار حياتك.
فالشّخص السلبيّ هو الشخص الذي يحمل في رأسه معتقدات وأفكارًا غير منطقيّة وعقلانيّة، كما أنّ لأفكاره طابعًا مشوّهًا يحمله في نظرته للمستقبل والناس من حوله والأهمّ هو نظرته تجاه نفسه، فلا يقتصر الأمر عند حدوده الشخصيّة، بل يبثّها إلى كلّ مَن يحتكّ بهم، كما يُبثّ السمّ في الماء العذب.
فماذا لو وقفنا عند سؤال: هل الشخصّ السلبيّ يعتمد أسلوبه قاصدًا لزعزعة أمور الآخرين، أو أنّ لاتصافه بهذه الصفة السلبيّة أسبابًا؟
على الأكيد لا أحد منّا يُخلق سلبيًا لمجرّد أنّه أراد ذلك، فدائمًا ما نبحث خلف الأسباب التي جعلت من شخص ما سلبيًا دون إرادة منه، فمن خلال الاحتكاك بالسلبيين وجدت أنّها نشأت نتيجة ظروف طفوليّة عانى منها من الحرمان والإشباع العاطفيّ، فكانت خبرة الطفولة لديه من أكثر ما جعله انتقاديًا بائسًا يحمل نظرةً سوداويّة، تجعل منه شخصًا لا يميل للحلول والتوقعات الإيجابيّة، كما أنّ التجارب السابقة التي تركت فيه ندبات أو آثار سلبيّة لم يتخلّص منها بالتالي أورثته هذه الصفة السلبيّة. وفي مكانٍ آخر وُجِد أنّ تعامل الوالدين مع الشخص منذ طفولته حتّى مروره بفترة مراهقة وعدم إعطائه أهميّة وثقة تكبر معه كان دافعًا قويًا لفقدانه الشّعور بالأمان والعيش في مكان ينطوي على الظّلم، واختزانه أكبر قدر من التشاؤم في تطلعاته لنفسه ولحياته ولمستقبله.
فبالرّجوع إلى الأسباب السابقة نتيقّن الإجابة من أنّ هؤلاء الأفراد السلبيين مع وجودهم الضارّ في حياتنا لا يسيطرون في كثير من الأحيان على تصرفاتهم ولا يتحكمون بمشاعرهم ولا أفكارهم، فيحملون المعتقدات المشوّهة في طريقة تصرّفهم.
إذا كنتُ محاطًا بشخصٍ سلبيّ، يؤثّر على حياتك، يمتصّ طاقتك، يفرغ محتويات إيجابيتك في عملك، وفي دراستك، وحتّى في علاقتك العاطفيّة، يجعلك تفقد بتصرّفاته مخزونك من الحبّ والرعاية ما يشعرك دائمًا بالاستنزاف، والقلق، فهل تبقيه في دائرتك طالما أنّه لم يكن شخصًا سلبيًا بإرادته، أو تكسب نفسك وتتطلّع إلى أشخاص آخرين يحاوطونك حياتك ويعطونك المزيد من الدافعيّة والتغلّب على عقبات الحياة؟
في الحقيقة يمكننا أن نجد الشخص السلبيّ في مناحي الحياة كافّة، الدراسية والمهنيّة والعاطفيّة وحتّى الأسريّة، وكما أنّ إعطاءه التبرير الدائم لأن يستنزف طاقتك، فيكون الشخص الغاضب والمسيطر الذي يريد أن تحتكم إليه الأمور في العلاقة، ويشكو دائمًا من كونه ضحيّة لا يتعاون معها أحد، ومغلوب على أمرها في المواقف الحياتيّة، عدا عن أنّ السلبيين يجعلوننا فيما بعد النسخة الثانية عنهم، فلطالما كنّا المسؤولين عن الذين نلتصق بهم، ويأخذون حيّزًا كبيرًا من حياتنا.
فلستَ مضطرًا لأن توقف عجلة حياتك، وتمتلئ بالسلبيّة لمجرّد أنّه شخص لا يزيد على حياتك صفرًا على اليمين، ويستهلكك ويحبطك حتّى القعود أو الفشل المحتّم.
في حين لو كان البديل شخصًا مملوءًا بالإيجابيّة فستحصل على حياة أكثر إشراقًا وحيوية وإيجابية ومتعة فريدة حتّى مع الأزمات والمشاكل المحيطة بك.
الآن، صار بإمكانك أن تقف أمام الصّورتين، وتتخيّل شكل حياتك بوجود إحدى هاتين الشخصيتين فيها، فهل تفضّل الظّلام على الإطلالة في فصل الربيع!