صراع بين النجاح والفشل

في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي نشهدها، وتعدد المتطلبات والأعمال، وسرعة وتيرة الحياة، وتعدد الالتزامات اليومية ساهمت جميعًا في مضاعفة الأعباء والأعمال على الأفراد ومن ضمنهم المرأة وخاصة العاملة التي تجد نفسها في ظل تلك الظروف مجتمعة أمام مجموعة متعارضة من الأدوار الاجتماعية والتوقعات الغير متوافقة مع تلك الأدوار، فتسعى جاهدة للوفاء بتلك المتطلبات لمحاولة الوصول إلى النجاح مع مراعاة أداء واجبها كأم وربة أسرة مما يجعلها تقع في دائرة متشابكة من الأدوار المتعارضة.
من هنا انطلقت بي الذاكرة إلى احدى الزميلات التي أخبرتنا بأنها لا تكاد ترى أبنائها في اليوم إلا دقائق معدودة!! ولا تستطيع أن تجلس معهم خلال أيام الأسبوع في جلسة عائلية تتبادل معهم الحوار والمشاعر، حيث أن الأم تعمل معلمة تخرج لعملها منذ الصباح الباكر إلى ما بعد الظهر وبعد أن تخرج تتجه مباشرة من محافظة الخرج إلى احدى الجامعات بمدينة الرياض حيث أنها تكمل دراسات عليا في الوقت المسائي فتنتهي بعد صلاة العشاء عائدة إلى منزلها في محافظة الخرج لتجد أبنائها بعد أن قامت العاملة المنزلية ببعض أدوار الأم على وشك الاستعداد للنوم إذا لم يكونوا قد خلدوا للنوم بالفعل.
من هذا الموقف ومن مواقف كثيرة نصادفها في حياتنا اليومية لسيدات وأمهات يعانون مشاكل صراع الأدوار والذي يمكن تلخيصه بأنه تعارض لعدة أدوار ومسؤوليات اجتماعية يجعلها غير قادرة على التوفيق بين دورها كأم مسؤولة عن أبنائها وزوجة وربة منزل مسؤولة عن منزلها وأسرتها واحتياجاتهم ودورها ايضاً كموظفة مسؤولة تجاه عملها، بالإضافة إلى تأثر العلاقات الاجتماعية لديها حيث تصبح غير قادرة على الوفاء بتلك العلاقات، وكذلك قد يكون لديها بعض الالتزامات الخارجية كمتابعة بعض الأعمال والأنشطة الاجتماعية أو التجارية الخاصة بها، في ظل تلك الظروف والتوقعات الغير متوافقة معها والتي تسعى جاهداً لخلق نوع من التوافق مع تلك الأدوار يجعلها تقع تحت ضغوط نفسية واجتماعية والذي قد ينعكس عليها سلبًا ويؤثر على جودة الحياة لديها واستقرارها النفسي والاجتماعي وقد يمتد إلى الوظيفي.
فمع استمرار الوقت وتزايد تلك الضغوط التي تكابدها قد تصاب بالإحباط وانخفاض في مستوى الرضا الذاتي والذي قد يؤدي بدورة إلى بعض الأمراض النفسية التي تحدثها، وبالتالي ولتجنب الوقوع تحت قبضة تلك الضغوط ولضمان الاستمتاع بحياة منظمة فيها جانب كبير من الارتياح والسلامة النفسية والاجتماعية، يجب التوفيق بين الأدوار والمسؤوليات وتحديد الأولويات فيما بينها وتقسيمها إلى أدوار أساسية وأخرى ثانوية ووضع خطة منظمة لها، وتفعيل مهارة إدارة الوقت لتنظيم حياتها ومسؤولياتها في ظل تعدد المسؤوليات، وتطوير ايضاً مهارة حل المشكلات واتخاذ القرارات لمواجهه أي مشكلة تقع فيها بكل سلاسة.

نورة الشهري

اخصائية اجتماعية، مصنفة من هيئة التخصصات الصحية،ماجستير، كاتبة في المجال الاجتماعي، داعمة للعمل التطوعي، محبة للقراءة، مهتمة بالتصميم الإلكتروني.
زر الذهاب إلى الأعلى