امنحوني الثقة.. أنا أستطيع
في مشاهد تتكرر رؤيتها في الأماكن العامة والمنتزهات والتي تشدني كثيراً مما دفعني لمناقشتها في هذا المقال وهي الحماية المفرطة للأطفال سواء كان من أحد الوالدين أو عاملات أشبه بالحرس حول الطفل بطريقة المقصد منها مراقبة لصيقة للطفل على تصرفاته وسلوكه لمنعة أو توجيهه لفعل معين أثناء اللعب بشكل مبالغ فيه، وقد يصل الأمر إلى القيام ببعض الأمور بالنيابة عنه مما يترك الطفل في حالتين أما الاستسلام والرضا وفقده الثقة بقدرته أو الاعتراض والصراخ لعدم منحة فرصة المحاولة، فالحماية المفرطة التي نقصدها هنا هي المبالغة من أحد الوالدين في توفير الاهتمام بالطفل لدرجة قد تصل إلى تحكم أو إعاقة في سلوك وتصرفات الطفل فتتعدى مستويات الحماية مستوى الخطورة الفعلي التي قد يتعرض لها الطفل لتصبح عائق وسبب من أسباب عدم تطوير مهارات الطفل وبناء شخصيته.
من هنا يتبادر إلى أذهاننا ما آثار تلك الحماية المفرطة على الطفل ونموه؟ من المؤكد جميعنا يُقدر اهتمام الوالدين بالطفل وتوفير الحماية له والتي تنطلق من شعور المسؤولية ونابع من فطرتهما الوالدية وحنانهم وخوفهم عليه، ولكن المبالغة في ذلك قد يكون ذا نتائج سلبية على الطفل وعلى بناء شخصيته والتي قد تخلق شخصية غير واثقة من نفسها ومضطربة وتؤدى الى عدم التوافق الشخصي والاجتماعي، بالإضافة إلى عكس مظاهر عدم احترام لقدرات الطفل، وحرمانه ايضًا من فرصة التعلم من لو خاض تلك التجربة بنفسه وتعلم منها.
وبالتالي فالطريقة السليمة و المناسبة للاهتمام بالطفل دون الأفراط والمبالغة هي الاهتمام ببناء مشاعر المسؤولية لدى الطفل والثقة بالنفس أولاً، وذلك بمنحهم فرصة خوض التجارب ومعايشة تفاصيلها والتعلم منها الخطأ والصواب ليصبح بارع في ممارسة تلك التجربة للمرة اللاحقة ولا يكون متكلاً في كل مرة على غيره، ومنحة ايضًا فرصة المشاركة في الاختيار لبعض الأمور الخاصة به كاختيار ملابسة وألعابه وأدواته الخاصة، فأسلوب التربية الذي يسمح للطفل بالمشاركة في الاختيار وتحترم آرائه وقدراته وتمنحه فرص لخوض التجارب والتعليم منها واكتساب المعارف يثمر طفل قوي الشخصية واثق من نفسه وقدراته معتمد عليها غير متردد ولديه ايضًا الحلول لتجارب كثيرة يعترف بأخطائه ويحاول التعلم منها وعدم تكرارها في المستقبل وقادر على اتخاذ القرار وتحمل النتائج.