الإطار الفكري
إن الإطار الفكري الذي ينظر الإنسان من خلاله إلى الكون مؤلف جزؤه هو الأكبر من المصطلحات والمقروء فات والمفترضات التي يوحي بها المجتمع إليه ويغرزها في أعماق عقله الباطن.
فالإنسان إذًا متأثر بها من حيث لا يشعر.
فهو حين ينظر إلى ما حوله لا يدرك أن نظرته مقيدة ومحدودة، وكل يقينه أنه كل حرّ في تفكيره.
وهنا يكمن الخطر، فهو لا يكاد يرى أحدًا يخالفه في رأيه حتى يثور غاضباً ويتحفز لاعتداء عليه، وهو عندما يعتدي على المخالف له بالرأي لا يعد ذلك شيناً ولا ظلماً إذ هو يعتقد بأنه يجاهد في سبيل الحقيقة ويكافح ضد الباطل.
وأغلب الحروب والاضطهادات التي شنّها البشر بعضهم على بعض في سبيل مذهب من المذاهب الدينية أو السياسية ناتجة عن وجود هذا الإطار اللاشعوري على عقل الإنسان.
ومن الغريب أن نرى رجلاً يضطهد غيره من أجل دينه أو رأيه ثم ينقلب فجأة فيصبح بجانب الذي كان يضطهده حيث يأخذ إذ ذاك باضطهاد من كان على رأيه السابق.
إن الإنسان لا يستطيع أن يتخلص من إطاره الفكري إلا نادراً، فهو فرض لازب عليه.
فالإطار شيء كامن في اللاشعور كما ألمحنا إليه آنفاً.
والإنسان لا يستطيع أن يتخلص من شيء لا يشعر به.
وختامًا: لعل بعض الأفذاذ النادرين من الناس يستطيعون أن يدركوا ما ركب على عقولهم من إطار، فهم يتحيزون في تفكيرهم قليلاً أو كثيراً ولكنهم يدركون في الوقت نفسه أنهم متحيزون
وهؤلاء حين تخلو نفوسهم من الغرض يصبحون قادرين على الكشف العلمي وقد يظهر على أيديهم أحياناً كثير من المبتدعات والنظريات الجديدة.