إلا مجتمعنا !

الجميع يعلم بالتطور التقني و الثورة التقنية التي وصلت لها وسائل التواصل الاجتماعي في وقتنا الحالي، حيث أصبحت تحتل جزء كبير من حياتنا اليومية وأصبحت من أهم المصادر الرئيسية التي يستمد منها الأشخاص المعلومات و التعليم والترفيه، والذي واكب ذلك ظهور بعض التطبيقات والبرامج التي تبرز الحياة الاجتماعية واليومية لبعض الأشخاص حتى يصبح الشخص “مشهوراً” في المجتمع أي بأن يصبح لديه شريحة كبيرة من الأشخاص بفئات مختلفة يتابعون ويشاهدون كل ما يبثه هذا المشهور من نمط حياة أو أفكار أو عادات أو قيم أو معتقدات وهنا تكمن الخطورة على الأسر والمجتمع بما يُبث ويتداول من بعض السلوكيات الغير سليمة من بعض أفراد تلك الشريحة والتي تعمل بدورها على نشر تلك السلوكيات والأفكار والتي تهدد الأسر حتى خرجت من كونها وسائل للتواصل الاجتماعي إلى ما اشبه بوسائل لتفكك الاجتماعي!
نعم فالجميع لا ينكر بأن هناك من كان له دور إيجابي وإيصال رسائل سامية كمساعدة المحتاجين والقيام بأعمال الخير وكفالة الأيتام وغيرها من الأعمال الهادفة، ولكن يبقى هناك جانب آخر والذي يشكل الخطر الأكبر على الأسر والأطفال والمجتمع ككل والذي يكمن في المضامين السطحية و السلوكيات الخاطئة التي تسقط على المشاهد والتي قد تؤثر على الأشخاص بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حيث أن المشاهد يعدهم قدوة له ويتأثر بهم، وايضاً فأن تكرار رؤية مثل هذه التصرفات قد يجعل الشخص مع الوقت يألفها ولا يعدها أمر غريب أو مخالف ويكتسبها لا إرادياً، وكذلك بث بعض الأفكار المزعزعة للترابط الأسري كالتساهل في مسائل الطلاق وتكرار مثل هذه الأمور لدى الكثير من المشاهير حيث رأينا مشاهد الطلاق تصور مباشرة وبجميع تفاصيلها والزوج يطلق زوجته أمام المشاهد وترسل ليشاهدها عامة الناس!! كذلك رأينا من تحضر جلسة قضائية في مسألة أحوال شخصية (مطالبة حضانة) مباشرة أمام الكل!! كذلك هناك من تعدت باختراق خصوصية الغير بفتحها بث مباشر من غرف الولادة في المستشفى وحولها أصوات المريضات!! ايضًا استخدام بعض الألفاظ الغير لائقة من البعض، وتصوير مقاطع التفاخر و التظاهر بالثراء الفاحش وتصوير مشاهد غير حقيقية ومفتعله في الأصل لأيهام المشاهد بأن هذه طبيعة حياتهم السعيدة ويُمرر من خلال تلك المشاهد بعض الأفكار والسلوكيات الهادمة للأسر حيث أن المشاهد قد يستقطب تلك الأفكار لتتمحور في عقله الباطن وتترجم لاحقًا على واقع حياته، أو تجعله يعيش في قلق مستمر وانخفاض مستوى الرضا الذاتي للحياة التي يعيشها، وكذلك إرسال بعض الرسائل المدمرة كالتشجيع على الانفصال والخلع وخروج الفتيات عن محيط الأسرة واستغلال الأطفال لزيادة عدد المشاهدين وغيرها حتى وصل بالبعض من يدعي بأنه مختص ويقدم استشارات وحلول للمشاكل الأسرية!! فكل تلك المظاهر جزء من بعض ما يُبث من بعض المشاهير من سلوكيات وقيم لا أخلاقية وكذلك عادات غير سليمة وخارجة عن المقبول والمؤدية بدورها إلى دمار وزعزعة استقرار الأسر.
واخيراً نثمن الجهود على الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخراً تجاه تلك الممارسات ونأمل بالمزيد من التشديد والرقابة وإيقاع العقوبات، وكذلك يقع جزء كبير على عاتق الأسر بالوعي والتصدي أمام تلك الظاهرة لنقول لهم بصوت واحد: إلا مجتمعنا لا نسمح لكم بهدم قيمة، وعاداته، وتقاليده وزعزعة ترابطه الأسري والاجتماعي.

نورة الشهري

اخصائية اجتماعية، مصنفة من هيئة التخصصات الصحية،ماجستير، كاتبة في المجال الاجتماعي، داعمة للعمل التطوعي، محبة للقراءة، مهتمة بالتصميم الإلكتروني.
زر الذهاب إلى الأعلى