العنف الأسري
الأسرة في حقيقتها منبع للمعاني الإنسانية والمثل العالية بما يكتسبه الإنسان من صفات نبيلة من الإيثار والتضحية والفداء ولهذا نجد القرآن الكريم حين يوجه البشر إلى التعاطف والتراحم يذكرهم أنهم كانوا أسرة صغيرة نمت واتسعت مما يوجب عليهم الاحتفاظ بالتراحم والتواصل قال تعالى ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء , واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ”
وحيث أن الأسرة هي اللبنة الأولى التي يتكون منها المجتمع وهي الوسط الإنساني الأول الذي ينشأ فيه الطفل ويتعلم من خلالها نمط الحياة وأبجديات ثقافة التعايش مع الآخرين جاء هذه الاهتمام بالأسرة والذي يعني الاهتمام بالمجتمع وبالتالي الاهتمام بالوطن لذلك فإن استقرار الأسرة يعني استقرار المجتمع والوطن أيضا وإذا صحت الأسرة صح المجتمع والوطن والعكس صحيح أيضا .
ولقد انتشرت ظاهرة العنف الأسري في المجتمعات وخاصة في مجتمعنا بشكل كبير وملفت للنظر مخلفة وراءها حقوقا مسلوبة وشخصيات مهزوزة مع عدم وجود ما يردع مثل هذا النوع من العنف من نظام أو أعراف بالرغم من أن شريعتنا الإسلامية وضعت القواعد المنظمة لتكوين الأسرة المسلمة وسنت النظم الوقائية لتجنب العنف داخلها وتجريم كل عنف ووضعت العقوبة المحققة للردع العام والخاص وتحقيق العدالة الجنائية ولكن المشكلة تكمن بتطبيق هذه الأحكام وبالفهم الصحيح لها .
آثار العنف الأسري
يشهد أطفال الأسر التي تُعاني من العنف الأسريّ الناشئ بين الوالدين حاله من الخوف والقلق الدائم تأهباً لأية حالة عنف قد يشهدونها أو يتعرّضون لها، فيتأثّر الأطفال بطرق مختلفة باختلاف أعمارهم.
الأطفال في سن ما قبل المدرسة:
تتمثّل آثار العنف في ظهور عادات كانت تظهر لديهم في سن مبكرة؛ كالتبول اللإرادي ومصّ الإصبع، كما تظهر عليهم علامات القلق؛ كالبكاء والأنين المستمر، وعلامات الرعب؛ كالتأتأة ومحاولة الاختباء، كما يُعانون من صُعوبات في النوم.
اما الأطفال في سن المدرسة:
يبدأ الطفل يشعر بالذنب ولوم نفسه، ويُصبح أكثر انطوائيةً فتقل مشاركته في الأنشطة المدرسية، ويقل عدد أصدقائه، كما يقل احترامه لذاته، ويُلاحظ أيضاً انخفاض في درجاته المدرسية، كما تظهر عليه آثار صحيّة؛ كالصداع وآلام المعدة.
وايضاً المراهقون: تتمثّل الآثار لديهم في ممارسة سلوكيات غير أخلاقية؛ كتعاطي الكحول والمخدرات، كما يظهر لديهم مشاكل في تكوين الصداقات، ويقل احترامهم لذاتهم، بالإضافة إلى تنمّرهم على الآخرين، كما تظهر عليهم علامات الاكتئاب والعزلة التي عادةً ما تكون عند الفتيات أكثر من الفتيان.
آثار العنف ضد المسنين:
يعاني الملايين من كبار السن حول العالم من سوء المعاملة والعنف بجميع أشكاله؛
كالاستغلال المالي، والإهمال، وسوء المعاملة العاطفية، فيختلف نوع العنف باختلاف الطبقة الاجتماعية، والوضع الاقتصادي، والثقافة، لا سيّما أن كبار السن معزولون عن العالم الخارجي فيكون المعتدي عليهم هو ذاته الشخص المسؤول عن رعايتهم، مثل: الزوج أو الابن أو الحفيد، ونظراً لضعف وما تعُانيهِ أحياناً من الضعف الجسدي، أو الخرف، أو الزهايمر لكِبر السن، فإنّها لا تملك القدرة على طلب المساعدة بسبب الخوف، فينتج عن ذلك شعور بالعجز.
آثار العنف على المجتمع
يُعد العنف الأسري سبباً في إحداث آثار اجتماعية وأسرية سلبية نتيجة الاعتداء والتهديد، ومن هذه الآثار.
التفكّك الأسري: حيث إن استخدام الآباء للشدة والعنف في التعامل مع زوجاتهم وأبنائهم يحرمهم من العيش بسلام واستقرار، ممّا يؤدي إلى التفكّك الأسري.
أيضاً الطلاق: حيث إنّ انفصال الزوجين وعدم التوافق النفسي يؤدي إلى تفرق أفراد الأسرة، ويزيد من احتمالية تشرد الأطفال ويُعرضهم للانحراف.
العدواة الاجتماعية: فالطفل الذي يعيش في أسرة معرّضة للعنف الأسري يكون أكثر عُرضةً لاكتساب السلوك العدواني، فيُصبح عدوانياً في الدفاع عن نفسه، وفي التعامل مع زملائه في المدرسه وإخوانه في البيت، كما يظهر سلوكه العدواني في تخريب الممتلكات العامة، وفي حلّ المواقف التي تواجهه.
علامات العنف:
-أنماط النوم المتغيرة تتعرض للكوابيس.
-الكآبة.
-الانسحاب الاجتماعي.
-تغيرات مفاجئة وغير مبررة في الوزن.
-فقدان الشهية.
ما أسباب العنف؟.
-تدني مستوى احترام الذات لدى الفرد.
-مشاهدة مظاهر العنف سواء في المنزل،
المدرسة، وسائل الإعلام المختلفة.
-التفكك الأسري في حياة الطالب وعدم الاهتمام بتربيته وتوجيهه.
-التأثير السلبي لأصدقاء السوء.
ماهي الحلول التي يجب فعلها؟
– تجنب اللقاء اللوم.
– تجنب الضغوط والتوترات.
– الاستفاده من المختصين.
– العمل على زيادة الوعي الديني والأخلاقي والتربوي والتعريف بالحقوق وواجبات المربين من خلال تنظيم محاضرات وندوات توعوية.
وفي الختام:
يسبب العنف أضرار جسيمة في النفس ويعمل على توليد ظواهر اجتماعية متنوعة منها الطلاق الذي يكون سببه العنف الأسري ويؤدي لتشتت الأطفال وعدم نشوئهم بصورة سوية مما يؤدي لتشريدهم، أو تزيد من معدلات البطالة بسبب شعور الفرد بالظلم الذي يتعرض له بسبب ساعات عمله الطويلة مع مرتب قليل، وبالتالي تقل عجلة الإنتاج لديه، فيجب على الفرد أن يتخلص من كل مسببات العنف ليكون قادر على التعامل مع الأفراد بكل ود ولين، والسعي لكسب قلوب الاخرين بدل مفسدة حياتهم والانتقام منهم على كل فعل سواء كان صغير أو كبير.