حكاية أمل وتحدّي في وجه الصِّعاب

في أحد أحياء المدينة المزدحمة كان أحمد يعيش مع عائلته الصغيرة؛ فقد والده وظيفته بشكل مفاجئ، وأصيبت والدته بمرض مزمن؛ كانت الأسرة تعاني من ضغوط مالية ونفسية هائلة، وأصبحت الحياة اليومية تحديًا كبيرًا.
في يوم من الأيام قرّر أحمد اللجوء إلى أحد الجمعيات المتخصصة بالرعاية الاجتماعية في الحي. هناك استقبله الأخصائي الاجتماعي بابتسامة دافئة وعينين مليئتين بالتعاطف؛ جلس معه واستمع لكل كلمة يقولها مستوعبًا كل تفاصيل معاناته، لم يكن الأخصائي مجرد مستمع بل كان شريكًا حقيقيًا في كل خطوة.
بدأ الأخصائي الاجتماعي بتقييم الحالة بعناية قام بجمع المعلومات وتحليلها، ثم وضع خطة شاملة لمساعدة العائلة، كانت الخطة تتضمن توجيه والد أحمد إلى ورش عمل تدريبية توفر له مهارات جديدة تساعده في العثور على وظيفة أخرى؛ بسبب هذه الورش تمكن والده من العثور على وظيفة جديدة تعيد له كرامته وأمله.
أما والدته فقد نسق الأخصائي مع مراكز طبية لتوفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة لها، لم يكتفِ بذلك بل قدم لها دعمًا نفسيًا واجتماعيًا يساعدها على التكيف مع حالتها الصحية، والنتيجة بدأت والدته تشعر بتحسن واستعادت جزءًا من طاقتها.
لم ينس الأخصائي الاجتماعي أحمد نفسه حيث بدأ بتنظيم جلسات إرشاد وتوجيه له، مما ساعده على التعامل مع الضغوط النفسية التي كان يعاني منها، بالإضافة إلى ذلك نسق مع مدرسته لتوفير دعم تعليمي إضافي يساعده على تحسين أدائه الأكاديمي.
بفضل هذا التدخل الشامل بدأت حياة أحمد وعائلته تتحسن بشكل ملحوظ، والده أصبح يعمل بجد في وظيفته الجديدة ووالدته بدأت تستعيد صحتها، وأحمد نفسه أصبح أكثر استقرارًا وسعادة؛ الأخصائي لم يكن مجرد مستشار بل كان شريكًا حقيقيًا للعائلة في كل خطوة من رحلتهم نحو التعافي.
الأخصائي الاجتماعي لم يتوقف عند هذا الحد. بدأ بتنظيم ورش توعية في الحي يستهدف فيها رفع مستوى الوعي الاجتماعي وتعليم الأفراد كيفية التعامل مع التحديات المختلفة؛ كانت هذه الورش تساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وقوة، مجتمع يمكن لأفراده الاعتماد على بعضهم البعض في الأوقات الصعبة.
بمرور الوقت أصبح الأخصائي جزءًا لا يتجزأ من حياة الحي. كان يزور العائلات بانتظام ويتابع تقدمهم، ويقدم الدعم اللازم في كل مرة يحتاجون إليه، ونتيجة جهوده المستمرة تحوّل الحي من مكان يعاني من مشكلات اجتماعية كثيرة إلى مجتمع متماسك وقوي.

صالح هليّل

ماجستير في الخدمة الاجتماعية | دبلوم عالِ في الإرشاد الأسري | أخصائي اجتماعي في وزارة الصحة
زر الذهاب إلى الأعلى