سجين الأوهام
وهم المرض ذلك الشبح الخفي الذي يطارد الشخص الصحيح وينهكه ويجعله يعاني من مرض وهمي ليس له وجود، مجموعة من الأوهام والتخيلات يعيشها الشخص تجعله يعتقد بأنه مصاب بمرض خطير بمجرد الشعور بآلام مشابهة وربما من دون آلام، فقد يكون لأسباب أصابه سابقة للشخص أو لأحد من أفراد عائلته، أو أعراض مشابهه قام المريض بالربط بينها وبين ما يشعر به تجعله يعيش في قلق مستمر تجاه ذلك.
يعاني المصاب بوهم المرض أكثر من كونه شخص مريض حقاً، حيث يتنقل بين العيادات الطبية بشكل يفوق الطبيعي للتأكد من نتيجة الآلام التي يصفها، أو التي يتخوف من أن تصيبه، يضخم الأمور تجاه أي عرض مرضي يصيبه، يكرر عمل الفحوصات والتحاليل الطبية، يعتقد في كل زيارة طبية بأن الطبيب سيخبره بحقيقة إصابته بمرض معين، وفي حال عدم حصول ذلك يتجه إلى البحث عن طبيب آخر ليؤكد له ما يشعر به من أعراض، يتكبد مبالغ مادية لشيء لا وجود له، يسأل الأشخاص المصابين عن الأعراض التي أصابتهم ليقارن بينها وبين ما يتوهم به من أمراض، لا يقف عند هذا الحد بل يلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن كل ما يخص المرض الذي يعتقد بأنه يعاني منه، نجدة يبحث ويجمع معلومات حول المرض الذي يشك بوجوده، يكثف القراءة والاستشارات عنه للكشف عن الصلة بين المرض وبين أعراضه الوهمية.
يعد توهم المرض مرض نفسي له عدة عوامل مسببة قد تكون نفسية أو بيئة واجتماعية أو وراثية ،فمن جانب اجتماعي قد يكون للبيئة الأسرية التي نشأ فيا الشخص سبب من مسببات اصابة الشخص بوهم المرض، وذلك عند تلقي الطفل معلومات مبالغ فيها حول أمراض معينه وما تحدثه من أضرار على الشخص، بالإضافة إلى ذلك قد يكون هذا السلوك لدى أحدى أفراد الأسرة كالمبالغة المفرطة نتيجة عرض مرضي معين وإعطاء احتمالات لأسواء الأمراض، حيث أن شعور الوهم المرضي قد يكون مكتسب من الأسرة التي نشأ فيها الشخص، ايضاً للبيئة الاجتماعية دور مهم في ترسيخ بعض المعلومات الصحية الخاطئة، وقد يكون للأشخاص الذين تعرضوا لتجربة الإصابة بالأمراض الخطرة والقاسية في فترة الطفولة أكثر عرضة بالإصابة بهذه الحالة، وقد تساعد الكحول والمخدرات ايضاً لدى المتعاطين من ظهور هذه الحالة. وبالتالي ومن جانب اجتماعي ايضاً قد تؤثر هذه الحالة والقلق المفرط تجاه الأمراض على العلاقات الأسرية والاجتماعية لدى الشخص المصاب بالوهم المرضي بسبب القلق الشديد وكثرة تكرار شكوى المرض والتكاليف المادية التي ينفقها على صحته.
واخيراً يمكن القول بأن الوهم المرضي مرض نفسي لا يمكن اهماله أو التقليل من خطورته، فعلى من يعاني منه البدء بالعلاج لدى المختصين سواء كان سلوكياً أو دوائي للتخلص أو التخفيف من حدة ذلك القلق والاستمتاع بحياة نفسية و صحية و اجتماعية سليمة.