أيام بحياتنا لم نعشها

يا لغرابة سرعة الأيام والسنين !!!
وكأنها كتاب بين يدي أحدهم يقوم بتقليب أول الصفحات على مهل وما يلبث إلا أن يجد نفسه يقوم بتمرير الصفحات بسرعة هائلة حتى تكاد تسمع صوت الهواء يخرج من خلال تلك الصفحات، وبسبب هذه السرعة الهائلة بعض تلك الصفحات لم ترى محتواها.
في حياتنا أيام لم نعشها مررنا بها فقط دون أن ننتبه لما حدث بها، فما الذي قد يجعل المرء يمر بأيامه دون أن يعيشها؟ تتعدد الأسباب ولا تحصى ومنها:
الحزن والاكتئاب بسبب الفقد، فقد شخص أو وظيفة أو منصب أو حتى فقد المرء لنفسه بوسط زحام مدوي لا يعرف كيف ومتى بدأ، ثمَ في لحظة ما يحبذ أن يعتزل كل ما حوله من أشخاص وتجمعات وحتى الخروج لقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق وتتوالى الأيام والأشهر والشخص عالق بمكانه حتى بدأت تنبت له جذور في هذا الوضع، دون أن يدرك بأن تلك الأيام تتناقص وتتساقط من عمره ولا يمكن تعويضها.
سبب أخر يغفل عنه الكثير لا يقل أهمية عن السبب الأولى بل أجد أنه أخطر منه لأن المرء يقع فريسةً له دون أن يدرك وهوَ النوم: النوم لساعات طويلة ثم الاستيقاظ مثقلًا والانشغال بإحدى الشاشتين أما شاشة الهاتف أو التلفاز على مدار ما تبقى من ساعات اليوم ثم العودة إلى النوم مجددًا، وتمضي الأيام على عجل بهذا النمط السام، ظنًا من المرء بأن أيامه وحياته بلا قيمة وأنه مخلوق في هذه الأرض لكي يعيش يومًا تلو الأخر فقط وليس بوسعه عمل شيء. ويخطر في بالي هُنا حديثًا قد سمعته من شخص ما على منصة افتراضية لا أتذكر ماهي بينما لا زالت كلمات ذلك الشخص عالقة في ذهني حيث قال: فلنفترض جدلًا بأنك سوف تحصل على عشرة ملايين دولار ويجب عليك إنفاقها كاملًا خلال عشرة أيام لأنك سوف تموت بعد انقضاء هذه المدة أو لا تحصل على شيء مقابل أنك لن تموت قريبًا، بكل تأكيد وإجزام بأنك ستختار الخيار الثاني وترفض الأول قطعًا، أذنً مهما كنت تظن بأن يومك فارغ لا قيمة له تذكر بأن أيامك لا يساومها شيء ولا حتى عشرة ملايين دولار !!
وهناك العديد والعديد من الأسباب التي قد تجعلنا نمرر بالأيام دون شعورنا بها، فجميعًا بلا استثناء قد مررنا بإحدى هذه الفترات ولا بأس فإنه أمر طبيعي.
فحياتنا مثل -الكــــتــــاب- وفي كل كتاب نجد فصول من روعتها تشد انتباهنا من بدايتها حتى نهايتها وبين الحين والأخر نقرأ هذه الفصول مجددًا لأنها بطريقة ما وفي كل مرة تبث في أنفسنا أحساسًا جميل وحنون لا نجيد شرحه، في حين هُناك فصول أخرى نجد المؤلف بها يعيد ويكرر فكرة ما وبمجرد الانتهاء من قراءة هذا الفصل السردي الممل نجد بأن المؤلف استهلك ما استهلك من الصفحات ولم تصل إلينا الفكرة وندرك حينها بأنه لم تكن هناك فكرة من الأساس؟ .. وفصول تنتصر عليك دومًا وتهزمك بل تنجح في كل مرة في أن تذرف دموعك مع كل سطر فيها.
فمن الطبيعي والطبيعي جدًا أيها القارئ أن يحتوي كتاب حياتك على صفحات في غاية الجمال وأخرى ليس بها محتوى وأخرى حزينة…
المهم هو كيف تكون نهاية الكتاب والقصة هل كما يتمنى ويهوى المؤلف أم لا ؟؟

علياء المالكي

شخصية شغوفة محبة للعلم والتعلم، حاصلة على ماجستير علم الاجتماع وبكالوريوس الخدمة الاجتماعية، مُصنفة من هيئة التخصصات الصحية. مدرب معتمد TOT. من وجهة نظري أرى أن علم الاجتماع هو علم المنطق. و أومن بأن تخصصي -تخصص علم الاجتماع- ساعدنا كثيرًا في فهم التغيرات الاجتماعية المتسارعة والمعقدة مُنذ الماضي وحتى الحاضر والمستقبل، وكشف لنا أبرز أسباب التغيرات والتحولات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بل حتى فسر لنا ما هي الأسباب الرئيسية خلف المشكلات الاجتماعية بمختلف أنواعها وكل هذا الفضل يعود للباحثين الاجتماعيين القدماء والحديثين.
زر الذهاب إلى الأعلى