كيف نربي أطفالاً مبدعين؟
الإبداع هو القدرة على حل المشكلات بطرق مختلفة، وإدراك الأشياء بطرق مختلفة، وفهم العالم من وجهات نظر مختلفة.
في العديد من المناسبات، يُعتقد أن الطفل يولد مبدعاً، وأنه كما قد يكون لدى بعض الأشخاص القدرة على ممارسة الموسيقى أو الأنشطة البدنية أو الرياضيات، فإنهم يولدون مبدعين. لكن الحقيقة هي أننا جميعاً نولد بقدرات إبداعية واسعة، ومن الطبيعي أن نرثها من أسلافنا لنكون قادرين على حل المشكلات والبقاء على قيد الحياة، ولكن تكمن المشكلة في أنه في كثير من الأحيان يكون المجتمع والمدرسة وحتى الآباء أنفسهم هم الذين يغلفون طريقة تفكير الأطفال شيئاً فشيئاً ويقتلون غريزتهم الإبداعية.
لكن لماذا؟ لأنه من الأسهل أن يتصرف الجميع وفقاً للمعايير الاجتماعية المنضبطة، ومن الأسهل إدارة مجموعة من الطلاب عندما يفعل الجميع نفس الشيء، ومن الأسهل إدارة المنزل عندما يكون منظماً وعندما يكون الأطفال هادئين.
نحن نعيش في عالم مفرط التحفيز، حيث يوجد دائماً شيء نفعله، ومكان نذهب إليه، وشيء نراه، وما ينقصنا هو الوقت، لا نحتاج إلى أجندة مليئة بالأنشطة المتعلقة بالأطفال، فهم يحتاجون إلى مساحة لتغذية إبداعهم واستخدام خيالهم والخروج من الصندوق.
في مقال اليوم، نريد أن ندعوا أنفسنا إلى التفكير في هذا الأمر، والسعي إلى رد الجميل لأطفالنا، وكذلك لأنفسنا، وللسماح لهم على الإبداع والتفكير خارج الصندوق، سوف أشارككم بعض النصائح:
١ـ أطفئ الشاشات: أصبح التلفزيون والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة من العناصر الأساسية لتسلية الأطفال. لقد أساءنا استخدام هذا المورد لدرجة أنه حتى عند تناول الطعام، فإنهم يظلون مدمنين على الشاشة. دعونا نوقف هذا الجنون الآن! دعونا نبذل جهداً للحد من وقت الشاشة إلى ساعة واحدة يومياً. إذا أخبرك طفلك أنه يشعر بالملل، ساعده على تبادل الأفكار من خلال التفكير في كل ما يمكنه فعله دون تشغيل الشاشة، سوف تتفاجأ بعدد الأفكار التي يمكن أن تنشأ.
٢ـ لا ل “لا” مبالغ فيها: نريد استخدام كلمة “لا” فقط في المواقف التي تستدعي ذلك حقاً، مثل: (لا يمكنك لمس الموقد، ولا يمكنك الصعود على الطاولة الزجاجية)، ولكن في الواقع هل نحن بحاجة إليها حتى لا يقوم طفلنا بإخراج جميع الكتب من رف الكتب؟ أو ألا يرسم بالطباشير على الرصيف؟، هناك العديد من الاحتمالات لتغذية الإبداع في المنزل، دعونا نتساءل قبل أن نقول “لا” عما إذا كان هذا الفعل شيئاً لا يمكنه القيام به لأننا لا نريد إعادة ترتيب الرفوف أو لأنه شيء خطير، دعونا ان نسمح لهم بالاستكشاف ونترك “لا” للمواقف التي تبرر ذلك حقاً.
٣ـ التركيز على العملية، وليس النتيجة: يسعى الأطفال بشكل طبيعي إلى الحصول على موافقة البالغين وخاصة والديهم، وهذه علامات مهمة على التنشئة الاجتماعية، ولهذا السبب، نحن كبالغين، نحتاج إلى التأكد من أننا نشيد بالعملية، وليس بالنتيجة. إذا صفقنا للنتيجة مثل (يا له من رسم جميل يا ابنتي، أنا أحب رسوماتك)، يمكن للطفل التركيز على عمل أكبر عدد ممكن من الرسومات لمواصلة تلقي الثناء، ولكن إذا ركزنا على العملية بقول (حبيبي، أنا أحب مدى حرصك على رسم رسوماتك، فهذا يظهر أنك تبذل جهداً حقاً) فعندئذ يتخلص من ضغط الوقت، من أجل الكمية، ونمنحه السلطة للبقاء بقدر ما يريد، وندع عقله حقاً ينتج بسلام و إبداع.
٤ـ إنشاء مساحة وجعل الإنتاج الإبداعي سهلاً: تخصيص مساحة وقواعد للإبداع (مثل: عندما يريد الرسم، يجب أن أغطي الطاولة بصحيفة أو كيس قمامة، ويجب على الطفل أن يعرف كل شيء أستخدمه يجب أن أنظفه وأعيده إلى مكانه، إلخ. …)، بمجرد وضع القواعد، تأكد من تسهيل الوصول إلى المواد المطلوبة للإنتاج الإبداعي. ضع أوراقاً بيضاء على ارتفاعه على الحائط (تجنب كتب التلوين، فالورقة الفارغة بها إمكانيات لا حصر لها)، وأقلام التحديد وأقلام التلوين والألوان والمقص غير المدبب والغراء وكل ما يريده حتى يشعر طفلك بالدافع الإبداعي، كل ما يحتاجه في متناول اليد لإستخدامه.
٥ـ امنح الإذن بأن يكون مختلفاً: غالباً ما يُنظر إلى الأطفال المبدعين على أنهم مختلفون عن الأطفال الآخرين، الأمر الذي لا يؤدي دائماً إلى كونهم “الأكثر شعبية أو اجتماعية”، ومع ذلك، فإن الأطفال الذين يفعلون ما يحلو لهم دون الاهتمام بما يعتقده الآخرون عادة ما يكونون أكثر سعادة وحرية. بالطبع نريد أن يكون لأطفالنا أصدقاء، لكن هل نريدهم أن يفعلوا كل شيء ليتلاءموا مع الآخرين أو ليكونوا محبوبين من قبل الآخرين؟، دعونا نزيل أحكامنا المسبقة حول ما إذا كان طفلنا هو الأكثر شعبية أم لا، دعونا نعلمه أن يكون لطيفاً ومحترماً مع الآخرين، ولكن دعونا نعلمه أيضاً أنه لا بأس في أن يكون مختلفاً، وأنه لا بأس في التفكير بشكل مختلف، وأنه لا بأس أن يكون له صوت مختلف. امنحه التأكيد على أنه مذهل كما هو وسترى أن الإبداع ليس وحده هو الذي سيستفيد، بل سوف يجذب له الأصدقاء المناسبين وسيكون لديك طفل أكثر سعادة.
باتباعنا لهذه النصائح، سنزود أبنائنا وبناتنا بالأدوات اللازمة لتنمية قدراتهم الإبداعية بشكل فعال، وإعدادهم لمواجهة تحديات المستقبل بعقل منفتح ومبتكر.