(وعي كامل.. ضوء كامل)
إن طبيعة الإنسان الاجتماعية تدفعه باعتدال إلى الاستئناسِ بمن حوله، إلا أنه وفي بعض الأحيان تجنح الطبيعة المعتدلة لأن تكون قيداً يعيق إبداعنا، ويحد من تفاعلنا مع البشر.
إن القيود الاجتماعية كثيرة ومختلفة باختلاف التجارب والممارسات، ولعل أخطرها هو قيد ( النظرة المجتمعية) وتأثيره علينا.
فلنستعن بالأسئلة لتقييم أنفسنا:
-هل تشعر بأنك محتاج لإثبات جدارتك للآخرين بشكل مستمر؟!
-هل تشعر بأن رضا الآخرين وإعجابهم بما تقدمه، أو انتقادهم لما تقوم به؛ يؤثر كثيراً في مدى حافزية تقدمك واستمرارك؟!
-هل تشعر بأنك مثقل بنظرة الناس ومقيد بها ؟!
إن حرصك الشديد والمستمر حول أخذ رأي الناس فيما تقدمه أمر فيه خطوره، فذلك ليس إلا قيد، لأنه يجعلك واقع تحت محور ضغطٍ شديد؛
طرفه الأول “تضخيم” أخطائك،
وطرفه الآخر “تعظيم” رأي الآخرين بك، فأنت في جهاد دائم لنيل رضاهم عنك .
إن تصورك الداخلي عن نفسك له ارتباط وثيق بمدى ثقتك بنفسك، وما تمتلك من قدرات ومؤهلات تتفرد بها عن غيرك.
فإن كنت لم تدرك قيمتك ومدى تمكنك كشخص مستقل وجدير بما تقوم به، وجعلت الحكم الحاسم في (تقييمك وتحفيزك) لرأي الآخرين بك ونظرتهم عنك، فلن تتمكن من مواصلة تقدمك بصورة حقيقية وثابتة، فرأي الناس يمثل قناعاتهم واعتباراتهم الخاصة بهم، والنابعة من ثقافاتهم وتجاربهم التي قد لا تلائمك ولا تتناسب معك، فرأيهم قابل للنقض كمالإثبات، فضلاً عما قيل: أن الناس “لا تعدل ولا تزن”،
إن الاستجداء الدائم لمديح الآخرين، يظهرك بمظهر غير الواثق من نفسه، ومحاولاتك المتتابعة لإبهارهم بما تملك وأحياناً بما لا تملك؛ سيدفعك بلا وعي منك لضعف التقدير في ذاتك، ستبقى مقيداً ومحدوداً، وقد يودي بك ذلك للاضطراب النفسي والاكتئاب، أو حتى كراهية نفسك.
إن سعادتك بالإنجاز يجب أن تنبع من داخلك،
مع وعيك بما أنت عليه، وما قد وصلت إليه بفضل من الله عليك، ذلك مع تقبل عثراتك وفهمها حتى تتمكن من تقييم أدائك، وتصل لحب ذاتك الحقيقية (بحسنها ونقصها) معاً، فتأنس بنفسك البشرية.. فلا ترهقك فكرة الكمال، مع الاستئناس برأي الناس دون أن تكون عبداً لآرائهم وأحكامهم الشخصية عليك.
أشرق بوعيك الكامل لتبصر طريقك،
أحبب (نفسك الحقيقية) وكن متصلاً بها،
تأمل مواطن الجمال في (روحك)،
وربِّت على هفواتها بحنان،
سيتجلى النور، ستلمع ذاتك وتضيء..
ذلك أن (من لم يكن لنفسه نوراً،
فلن تسعفه كل أضواء المدينة).