لا أستحق وظيفتي!!!

متلازمة الدجال هي ظاهرة نفسية يشعر فيها الأشخاص الناجحون بأنهم لا يستحقون إنجازاتهم ويشعرون بأنهم محتالون أو مخادعون، كما أن متلازمة الدجال تُولِدُ شعوراً بالخداع اتجاه الأشخاص من حولهم وتجعلهم يعتقدون أنهم لا يستحقون ما حققوه، وعلى الرغم من وجود إنجازات ونجاحات واضحة، إلا أن الشعور المستمر بعدم استحقاق التقدير أو النجاح الذي تم الحصول عليه يتولد لدى المصابين به.
يميل أولئك الذين يعانون من هذه المتلازمة إلى إرجاع إنجازاتهم إلى الحظ أو العوامل الخارجية، مما يقلل من مهاراتهم وقدراتهم، غالباً ما يخشون أنه في مرحلة ما سيتم اكتشافهم على أنهم “محتالون” أو “دجالون”، مما يولد القلق وانعدام الأمان عندما يتعلق الأمر باتخاذ اجراءات متعلقة بالعمل.
كيف تعرف إذا كنت تعاني من متلازمة الدجال؟
قد تكون لديك شكوك حول ما إذا كنت مصاباً بمتلازمة الدجال أو ربما كنت تعاني ببساطة من نقص الثقة بالنفس. قد تشمل أعراض متلازمة الدجال ما يلي:
١ـ الشعور بأنك وصلت إلى ما أنت عليه اليوم فقط بضربة حظ، وليس بمهاراتك أو قدراتك.
٢ـ الشعور بأنك بحاجة إلى أن تكون في غاية الكمال لإنتاج عمل مُرضٍ.
٣ـ التضحية برفاهيتك لإنجاز المزيد من العمل.
٤ـ أنت تشك في قدراتك ولا تعتقد أنك وصلت إلى ما أنت عليه بسببها أو بسبب قيمتها.
٥ـ الشعور بالوحدة، أو الحاجة إلى عزل نفسك، حتى لا يكتشف أحد “سرك”.
٦ـ تدهور صحتك النفسية نتيجة الإرهاق والأرق.
٧ـ الشعور بأن شخصاً ما سوف “يدرك” في أي لحظة أنك لست مؤهلاً كما تبدو، خاصة عندما لا يكون هناك دليل على أن هذا هو الحال.
يعاني جميع أنواع الأشخاص من متلازمة الدجال، كما أن متلازمة الدجال لا تقتصر على الموظفين الذين بدأوا حياتهم المهنية للتو، بل إن الموظفون الذين يشغلون مناصب عليا هم أكثر عرضة من المتوسط للإصابة بمتلازمة المحتال.
لماذا تحدث متلازمة الدجال؟
لمكافحة هذه الظاهرة اليومية، لا يكفي أن نعرف فقط ما هي متلازمة الدجال، ومن المهم أيضاً معرفة سبب ظهور هذه المتلازمة، وبهذه الطريقة نكون قادرين على استئصال المشكلة.
١ـ تدني احترام الذات:
يمكن أن يؤدي تدني احترام الذات إلى ظهور متلازمة الدجال، لأن الأشخاص الذين يعانون منها يميلون إلى التقليل من شأن أنفسهم ولا يعترفون بقدراتهم وإنجازاتهم. عندما يكون لدى شخص ما نظرة سلبية عن نفسه، فهو أكثر عرضة للشك في قيمته وقدراته، معتقداً أنه لا يستحق النجاح الذي حققه.
٢ـ الاهتمام الزائد بالنقد:
الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الدجال حساسون جداً للآراء والتقييمات السلبية للآخرين. عندما يركزون على النقد، فإنهم يميلون إلى تجاهل أو التقليل من الثناء والتقدير الإيجابي، مما يغذي مشاعر عدم الأمان والشك في قيمتهم، قد يشعر هؤلاء الأشخاص بالضغط المستمر ليكونوا مثاليين ويخافون من الحكم عليهم أو رفضهم من قبل الآخرين، وهذا يقودهم إلى التقليل من قيمة إنجازاتهم وقدراتهم.
٣ـ الصور النمطية بين الجنسين:
يمكن أن تساهم القوالب النمطية بين الجنسين في الإصابة بمتلازمة الدجال من خلال فرض توقعات وأدوار محددة قائمة على النوع الاجتماعي. يمكن لهذه الصور النمطية الاجتماعية أن تضغط على الأشخاص للتوافق مع خصائص أو سلوكيات معينة تعتبر “مناسبة” أو “شائعة” لجنسهم، مما قد يؤدي إلى الشعور بأنهم لا يتناسبون مع تلك التوقعات أو لا يلبونها.
في سياقات العمل، قد تربط القوالب النمطية بين الجنسين مهارات أو أدوار معينة بجنس معين. إذا كان الشخص يعمل في مجال مهني معين حيث من المتوقع أن يهيمن أحد الجنسين على هذا النوع من الوظائف ويتبع إلى الآخر، فقد يشكك في قيمته ويشعر بأنه محتال، حتى لو كان لديه المهارات والخبرة اللازمة.
٤ـ عدم التقدير في مرحلة الطفولة:
إن عدم التقدير في مرحلة الطفولة يمكن أن يساهم في الإصابة بالمتلازمة، لأنه خلال هذه المرحلة الحاسمة من التطور، يبحث الأطفال عن التقدير والدعم من شخصيات السلطة الخاصة بهم، مثل الآباء أو المعلمين أو مقدمي الرعاية، و عندما لا يدرك هؤلاء البالغون إنجازات الطفل وجهوده أو لا يقدرونها بشكل كافٍ، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بعدم الأمان والشك في قيمتهم وقدراتهم.
وبالمثل، إذا لم يحصل الطفل على الاحترام و التقدير الذي يحتاج إليه، فقد يتطور لديه اعتقاد بأنه ليس جيداً بما فيه الكفاية أو أنه لا يستحق الثناء، وقد يستوعب عدم التقدير هذا كدليل على أنه ليس مثل الآخرين.
٥ـ تشويه النجاح:
هناك عامل آخر يساهم في الإصابة بمتلازمة الدجال وهو التشويه لقبول النجاح. نظراً لأن الأشخاص الذين يصابون به يميلون إلى التقليل من إنجازاتهم ونجاحاتهم أو التقليل من قيمتها، وعلى الرغم من حصولهم على نتائج إيجابية واعتراف خارجي، إلا أن هؤلاء الأشخاص لا يشعرون باستحقاق النجاح ويعتقدون أنهم كانوا محظوظين أو أن الآخرين يبالغون في تقدير قدراتهم.
يمكن أيضاً أن يكون التشويه في قبول النجاح مرتبطاً بالخوف من الفشل أو الرفض، في حال إذا تعرض الشخص لانتقادات أو أحكام سلبية من أشخاص آخرين في الماضي، فقد يتطور لديه ميل لتقليل إنجازاته لتجنب الشعور بالضعف أمام أحكام الآخرين.
نصائح عملية لمكافحة متلازمة الدجال:
والآن بعد أن عرفنا ما هي متلازمة الدجال وما هي أسبابها الرئيسية، نتشارك أيضاً بعض النصائح العملية حتى نتمكن من مكافحة هذه المتلازمة التي تصيب الكثير من الناس، و أهمها:
١ـ كيفية التعامل مع النقد بشكل بناء:
ندرك أننا جميعاً نرتكب الأخطاء وأن النقد لا يحدد قيمتنا، وتذكر أن متلازمة الدجال هي تصور مشوه لنفسك و أن إنجازاتك وقدراتك حقيقية.
٢ـ التغلب على تأثير الصور النمطية الجنسانية:
ومن الضروري التشكيك في هذه المعتقدات المقيدة وتحديها. من المهم أن ندرك أن الجنس لا يحدد قيمة الشخص أو قدراته، وأننا جميعاً قادرون على تحقيق أشياء عظيمة بغض النظر عن التوقعات المجتمعية.
٣ـ تحدي الأفكار السلبية:
شكك في المعتقدات السلبية عن نفسك وقدراتك. حدد الأفكار السلبية واستبدلها بعبارات إيجابية وواقعية حول قدراتك.
٤ـ العمل على احترام الذات:
بغض النظر عما يعتقده الآخرون، حاول بناء ثقة أقوى وتعلم كيفية تحرير نفسك من الحاجة المستمرة إلى التحقق من صحة قراراتك. قد يكون من المفيد أيضاً العمل مع معالج لمعالجة التجارب السابقة وتطوير قدر أكبر من قبول الذات والتعاطف مع الذات.
٥ـ الاحتفال بالنجاح:
لا تقلل من شأن إنجازاتك. احتفل بكل خطوة إلى الأمام، مهما كانت صغيرة. اعترف بجهودك ومزاياك لتعزيز ثقتك بنفسك.
٦ـ تقبل تلقي الثناء:
تقبل المجاملات واشكر أولئك الذين يدركون قدراتك. تعلم كيفية استيعاب الثناء وتصديقه بدلاً من التقليل منه أو رفضه.
٧ـ الاستعداد المستمر للتعلم:
لمحاربة متلازمة الدجال وعدم الاستسلام للأفكار التي تجعلك تشعر بالعجز أو عدم الاستعداد لمواجهة أي موقف، يجب عليك التعلم المستمر. كلما زاد إعدادك المهني، قلت قوة متلازمة الدجال عليك وستكون فرصك في عالم العمل أكبر.
ختاماً، يعد التعرف على متلازمة الدجال ومعالجتها أمراً بالغ الأهمية لتعزيز صورة ذاتية صحية والسماح للأشخاص بمتابعة أهدافهم بثقة و أن نذكرهم بمدى أهمية تقديم أفضل ما لديهم وأن الناس يُحبونهم لما هم عليه وليس لإنجازاتهم أو لأنهم جيدون في ما يفعلونه. على الرغم من أنه قد يكون التغلب على هذه المشاعر أمراً صعباً، إلا أن فهم هذه المشاعر والعمل عليها يمكن أن يؤدي إلى قدر أكبر من الرفاهية والرضا في الحياة.

عيسى العيسى الحداد

عامل اجتماعي خريج جامعة جيان بإسبانيا، حاصل على درجة الماجستير في التبعية والمساواة في الاستقلال الشخصي، حاليا طالب دكتوراة في الرعاية الاجتماعية و الصحية الشاملة.
زر الذهاب إلى الأعلى