سندٌ أبدي وقوة لا تنضب

‏”وجود شخص يدعمك نفسيًا ويطمئنك طوال الوقت، شيء لا يقدّر بثمن” فماذا لو كان هذا الشخص من عائلتك، تشعر بأمانٍ أبديٍّ لا متناهٍ، تشعر أن خلفك ما يشبه الجدار، ثابت متين، تُسند ظهرك عليه إن أثقلتك الحياة، فلا تخشى حينها مواجهة أي شيء، حقيقةً أي شيء.
لأنك لستَ مسندًا ظهرك فحسب؛ بل مسندًا كامل ثقتك، تسير متوكلًا على الله ثم على من هم خلفك‬⁩: عائلتك.
قد تخطو خطواتٍ واثقةً وثابتةً في طرقٍ وعرةٍ؛ فقط لأنهم خلفك. لا تخشى السقوط لأنك تعلم أن يدهم ستمتد لانتشالك، منهمرين عليك بكلمات التشجيع والتحفيز.
وحدها العائلة تؤمن بك حين لا يؤمن بك الجميع، وحدها العائلة تنتظر عودتك حين تتوه وتبتعد، وحدها العائلة من تلقي باللوم على نفسها بدلًا منك، وحدها العائلة من عليك أن تُشدد بها أزرك.
كما جاء في قوله تعالى {واجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ونَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً}
لم يطلب موسى من ربه صديقًا ولا سلطانًا ولا حتى وسيطًا؛ بل طلب أخاه، طلب فردًا من عائلته ليشد به ظهره.
أن تكون لديك عائلة مستقرة، هذا يعني أنك تمتلك إحدى أساسات السعادة. لذلك، قبل أن تسعى لتحسين أي شيءٍ في حياتك، اجعل هدفك الأول هو تحسين علاقتك مع عائلتك، ليكونَ ظهرك دائمًا مستقيمًا، وسندك متينًا.
وإليكَ بعض النصائح التي قد تساعدك في ذلك:
* اعرف حقوقك وواجباتك: كن على دراية بما لك وما عليك تجاه عائلتك، حتى تكون العلاقة متوازنة.
* كن منصتًا واستمع باهتمام: فالبعض يحتاج إلى من يستمع إليهم، لا إلى من يوجههم أو يصحح لهم، كن منصتًا لتشعرهم بقيمتهم.
* عبر عن مشاعرك بصدق: لا تحاول اخفاء اهتمامك وحبك لهم، فالتعبير عن المشاعر يقوي الأواصر.
* استخدم أسلوبًا إيجابيًا في التوجيه: النصح والتوجيه بأسلوب لطيف يجعلان التوجيه أكثر قبولًا.
* قدّم النصائح لا الأوامر: النصائح دائمًا ما تكون أقرب للقلب من الأوامر.
* راعي اختلاف الأجيال والأفكار: التفاهم يتطلب فهم الفروقات بين الأجيال والأفكار واحترامها.
* شاركهم اهتماماتهم: المشاركة تعزز القرب وتخلق أوقاتًا ثمينة.
* احتفل بإنجازاتهم: مهما كانت صغيرة، اجعلهم يشعرون بقيمة إنجازاتهم واحتفل معهم.
* قدّر مجهوداتهم: أحيانًا قد لا تظهر الجهود بشكل واضح، لكن الإقرار بها يُشعرهم بالتقدير والاحترام.
* كن متسامحًا: لا تدفعهم لأن يكونوا في حاجة دائمة للتبرير.
* اتّبع الوسطية والاعتدال: لا تفرط في التوقعات ولا تفرض عليهم ما لا يمكنهم فعله.
* لا تُكابر في الاعتذار عن الخطأ: الاعتذار يُعزز المودة، ويقوي العلاقات.
* اجعلهم من أولى أولوياتك: العائلة تستحق أن تكون في مقدمة اهتماماتك دائمًا.
* تجنب النقد السلبي: إن أردت إبداء ملاحظات، فليكن النقد البناء يهدف إلى تحسين الأمور، وليس إثارة الخلافات.
* احترم خصوصياتهم: لكل فرد مساحته الخاصة، احترم حدودهم وخصوصياتهم، وكن داعمًا دون التعدي على خصوصياتهم.
* قدّم المساعدة دون انتظار المقابل: كن مبادرًا في تقديم العون والدعم. واجعلها عادة دون انتظار التقدير الفوري.
* تحدث عن ذكرياتهم القديمة: استرجاع الذكريات الإيجابية يعزز مشاعر الود، خاصة عند الأجيال الأكبر سنًا.
* اصنع ذكريات جميلة لا تُنسى: كل لحظة تعيشها معهم بحب وشغف ستصبح ذكرى خالدة.
* لا تُقارن أفراد عائلتك بالآخرين: المقارنة قد تسبب الإحباط؛ بدلًا من ذلك كُن داعمًا ومشجعًا.
* لا تجعل الآخرين يقودون طريقة تعاملك مع عائلتك: علاقتك مع عائلتك هي مساحة خاصة، وعليك أن تتعامل معهم بناءً على ما تراه مناسبًا لهم و لتوجهاتك، وليس بناءً على ما يراه الآخرون أو يقيمونه.

في الختام، العائلة حصنًا منيعًا وأساسًا قويًا يُساند الفرد في حياته، وهي ملاذ آمن يبث الطمأنينة والدعم المستمر. فمن منا لم يشعر بتلك القوة التي تغمره عندما يقف خلفه من يؤمن به ويشاركه لحظات النجاح والفشل؟ العائلة هي الركيزة التي نعتمد عليها، والجدار الذي نستند إليه حين تشتد الصعاب. فوجود عائلة متماسكة ومترابطة يمنحنا القوة لنمضي قدمًا، والسكينة لنبني مستقبلًا. إن تعزيز العلاقات العائلية ليس مجرد واجب، بل هو استثمار في سعادتنا واستقرارنا العاطفي، فبالعائلة نصبح أقوى ونتجاوز الصعاب معًا.

ولتعلم أن ذلك الجدار الذي تُسند نفسك عليه، قد يحتاجك ككتفًا يتكئ عليه يومًا.

مريم يحي الفيفي

أخصائية اجتماعية | أعمل في مجال ذوي الإعاقة | مدربة معتمدة TOT | مهتمة في الخدمة الاجتماعية وتطوير الأخصائيين | هاوية للكتابة والإلقاء
زر الذهاب إلى الأعلى