وباء العصر الحديث

ما رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ والفَراغُ).
أصبح إدمان وسائل التواصل الاجتماعي والاستخدام القهري للهاتف المحمول من المشاكل السائدة بشكل متزايد في مجتمعنا، حيث تؤثر هذه الظاهرة المعروفة باسم “النوموفوبيا” (الخوف من عدم وجود هاتف محمول) على الأشخاص من جميع الأعمار، وخاصة المراهقين والشباب.
وعلى مدار العقد الماضي، شهدنا منصات مثل (Instagram، وFacebook، وTikTok، وX (Twitter سابقًا)، والتي أحدثت نموًا هائلًا في قاعدة مستخدميها حيث تم تصميم هذه التطبيقات لجذب انتباهنا والحفاظ عليه، باستخدام خوارزميات متطورة تعرض لنا محتوى مخصصًا وربما يسبب لنا الإدمان.
تأثيرها على الصحة النفسية:
يمكن أن يكون لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي عواقب وخيمة على الصحة العقلية:
ـ القلق والاكتئاب: يرتبط الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي بزيادة مستويات القلق والاكتئاب، خاصة بين المراهقين.
ـ مشاكل احترام الذات: المقارنة المستمرة مع الحياة التي تبدو مثالية للمستخدمين الآخرين يمكن أن تؤدي إلى تدني احترام الذات.
ـ اضطرابات النوم: يمكن أن يتداخل استخدام الأجهزة المحمولة ليلًا مع أنماط النوم، مما يؤثر سلبًا على جودة الراحة.
التأثيرات على الإنتاجية:
يمكن أن يكون للاستخدام القهري للهاتف المحمول أيضًا تأثير سلبي على العمل والإنتاجية الأكاديمية، حيث كشفت إحدى الدراسات أن الموظفين يفقدون ما يقرب من ٩,٥% من إنتاجيتهم اليومية بسبب الاستخدام غير المتعلق بالعمل لوسائل التواصل الاجتماعي.
علامات الإدمان:
بعض العلامات التي قد تشير إلى إدمان وسائل التواصل الاجتماعي تشمل:
ـ تشعر بالإكراه المستمر للتحقق من الإخطارات.
ـ الشعور بالقلق عندما لا يمكن الوصول إلى الهاتف.
ـ قضاء فترات طويلة في تصفح شبكات التواصل الاجتماعي دون إدراك لذلك، وإهمال المسؤوليات الشخصية أو العلاقات بسبب الاستخدام المفرط لشبكات التواصل الاجتماعي.
متى يعتبر إدمانًا على شبكات التواصل الاجتماعي؟
يعتبر الإدمان على شبكات التواصل الاجتماعي هو الإدمان عندما يبدأ استخدام هذه المنصات في التدخل بشكل كبير في حياة الشخص اليومية، مما يولد آثارًا سلبية في مجالات مثل العمل أو الدراسة أو العلاقات الاجتماعية أو الصحة العقلية والجسدية.
ويشير الخبراء إلى أنه عندما يتجاوز الاستخدام من (3 إلى 4) ساعات يوميًا، خاصة في الأنشطة غير الإنتاجية، يمكن أن يكون علامة تحذيرية، خاصة إذا كان الوقت الذي تقضيه على شبكات التواصل الاجتماعي يحل محل الأنشطة المهمة الأخرى مثل العمل أو الدراسة أو ممارسة الرياضة أو العلاقات الاجتماعية، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن قضاء أكثر من ساعتين يوميًا على شبكات التواصل الاجتماعي يرتبط بارتفاع مستويات القلق والاكتئاب لدى بعض الأشخاص، وخاصة بين المراهقين.
كيفية تجنب إدمان وسائل التواصل الاجتماعي:
لمكافحة الإدمان على الشبكات الاجتماعية، يمكن تنفيذ بعض الاستراتيجيات:
ـ تعيين حدود زمنية لاستخدام التطبيق.
ـ قم بإيقاف تشغيل الإشعارات غير الضرورية.
ـ تدرب على قطع الاتصال الرقمي خلال ساعات معينة من اليوم.
ـ ابحث عن أنشطة بديلة لا تتضمن استخدام الهاتف.
أهمية طلب المساعدة المهنية:
على الرغم من أن هذه الاستراتيجيات يمكن أن تكون مفيدة، إلا أنه في حالات الإدمان الشديد من الضروري طلب المساعدة المتخصصة لمعالجة الاعتماد على الشبكات الاجتماعية والاستخدام القهري للهاتف المحمول.
في الختام، يعد إدمان وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة مشكلة متنامية تتطلب الاهتمام والعمل، و يعد التعرف على علامات الإدمان وطلب المساعدة المتخصصة عند الضرورة خطوات حاسمة في استعادة السيطرة على استخدامنا للتكنولوجيا وتحسين نوعية حياتنا بشكل عام.
مرت سنيـنٌ بالوصـال وبالهنـا *** فكأنها من قصرها أيـامُ
ثم انثنـــت أيـام هجـــرٍ بعـدها *** فكأنها من طولها أعوامُ
ثم أنقضت تلك السنونُ وأهلها *** فكـأنها وكأنـهم أحـــلامُ
فلنحسن استغلال الوقت فيما يعود علينا و على المجتمع بالنفع في الدنيا و الآخرة فما أحوج المجتمع إلى رجال ونساء يعرفون قيمة الوقت ويطبقون ذلك في الحياة.

عيسى العيسى الحداد

عامل اجتماعي خريج جامعة جيان بإسبانيا، حاصل على درجة الماجستير في التبعية والمساواة في الاستقلال الشخصي، حاليا طالب دكتوراة في الرعاية الاجتماعية و الصحية الشاملة.
زر الذهاب إلى الأعلى