هل أنت مُستغَلّ عاطفيًا؟
إذا كنتَ تمتلك قلبًا ناصعًا في بياضه، وخلقتَ في عالمٍ يرى من الصفاء والنّقاء دربًا سهلًا للاستغلال واقتناص الفرصة لسلب أكبر قدر ممكن ممّا تتمتّع به، فصدّق ذلك.
أنتَ لستَ في عالمٍ افتراضيّ، أو في مدينة أحلام ورديّة تجعلك تقابل الأشخاص جميعهم الذين يميلون للخير في تصرّفاتهم، ويعتقدون أنّ الإنسان كلّما كان صافي السريرة وجب الحفاظ عليه مدّة أكبر في العلاقة.
وهناك الكثير في العالم حولنا ممّن ارتطمت نواياهم الطّيبة وما قدّموه ومنحوه بجدار الخيبة والخذلان، فأعطوا أكثر ممّا أخذوا، وبالتالي عندما تعرّضوا إلى الاستغلال انعكس ذلك سلبًا على مناحي حياتهم النفسيّة والاجتماعيّة وربّما الجسديّة أيضًا.
وإذا ما وقفنا على المعنى المراد من الاستغلال أو الابتزاز العاطفيّ فإننا نجد أنّه سلوكٌ يقوم به فردٌ تجاه آخر بقصد استغلال ما لديه لتحقيق مآرب الطّرف الأوّل دون أن يولي اهتمامًا أو يقدّم له المثيل ممّا يطلبه، ولعلّ ميزة الاستغلال العاطفيّ أنّه لا يظهر على الجسد، بل تصبّ أذيته في العاطفة والقلب تمامًا. ولعلّ أكثر ما يجعل من الاستغلال حقلًا شائكًا أنّه يتمّ عمدًا وليس عن طريق المصادفة، وقد يحدث بالإساءة اللّفظيّة أو التّخويف والتهديد.
حيث يظهر الابتزاز إمّا في شكل علاقة حبّ، ويطلب المبتزّ أو المستغلّ مقابل العواطف المزيّفة مقابلًا من المال، أو الوقت أو العلاقة الجسديّة خارج إطار الزّواج، ويعتمد في ذلك على أسلوب التهديد والتّخويف وتقديم بعض الأدلّة على العلاقة إن كانت صورًا أو كلامًا.
أيضًا قد يكون الاستغلال العاطفيّ ضمن إطار العلاقة الزّوجيّة، فيعمد أحد الزوجين إلى استغلال الآخر في محبته أو عطائه، دون أن يكلّف الطّرف الآخر فيهما أيّ مجهود من أجل إبقاء حائط العلاقة قائمًا دون استنزاف أو ابتذال.
ومع تعدّد أشكال الابتزاز وانصرافه إلى الهدف نفسه نجد أنّه يتّسم ببعض السّمات التي تظهر الوقوع في علاقةٍ قائمةٍ على الاستغلال العاطفيّ، فمثلًا أن تكون في حالة انتظارٍ دائمةٍ من الشّخص الآخر، أو أن تكون طرفًا مجهولًا له، وربما أبرز ميزاتها أنّ المستغلّ عاطفيًا لا يشعر بالأمان ويظلّ في حالة ترقّبٍ دائمٍ، وتُدارى مشاعر طرف ولا يعير الطرف الآخر انتباهًا له وذلك بخلق المبررات التي تجعل العلاقة مستمرّة بجهدٍ وحيد من أحدهما.
فإذا شعرتَ يومًا أنّك في خانة العلاقة غير الصحيحة، وبدا من غير السّهل التّعاطي معها، فتسحب منك أكثر ممّا تعطيك، وتسلبك أكثر ممّا تمنح، وتبذل لأجل أن تتقدّم خطوة آمنة واحدة فتظلّ في المكان نفسه وإلى تفكير مستمرّ، وتعب جسديّ وذهني، وعرقلة في أمور العمل، وانكفاء على الذّات، ذلك كلّه يعطيك إشارة كفيلة لأن تكبح على ما تبقّى من المسافة، وقمْ باختصارها حفاظًا على الصحّة النفسيّة.