كيف تشرق من جديد ؟

إطارٌ منطفئ؛ أحاط بضوءٍ خافت لا يكاد يرى،
نور منحسر؛ لم يبق منه سوى أثر،
شروق قد استحال إلى ظلمة موحشة،
وغروبٌ متجهم في دوامة قلق لا منتهية.
تلك لقطةٌ محبوسة ومعلقة، تعكس صورة يومٍ بائس؛ من حياة زوجين قابعين تحت وطأة (الطلاق العاطفي).
ترى؟
ما الذي يجعل الزوجين غريبين عن بعضهما تحت سقف واحد، ويفصلهما مدى الشعور؟،
من بعد ما كانا روح واحدة، مشعة بالحب والجمال.
إنه من المؤسف أن عدداً كبيراً من حالات الطلاق العاطفي مرجعها عائد إلى الاستهتار بقدسية الزواج، وأثر الأسرة وقيمتها في المجتمع، إما جهلاً أو تجاهلاً،
وما يزيد الأسف في هذه المعاناة، سوى طحن القلوب والمشاعر، فلا حبٌ ولا قرب ولا شوق، بل بعد وقسوة وجفاء، فضلاً عن دفن المشكلات والخلافات، وتجاوزها بدون حلٍ لها أو حتى مناقشة، فتتراكم الهموم؛ وتثقل القلوب هماً وكمداً، وتجف الدموع قهراً على العمر الضائع.
والأكثر أسفاً من ذلك؛ هو وجود أبناء عالقين وتائهين بين شراك العلاقات المشوهة، فلا مساحات ودٍ تجمعهم مع والديهم، ولا مواضع حب تؤمن قلوبهم، بل بكل وحشة؛ بيت متصدع الأركان، قابل للسقوط في أي لحظة.
إن البيوت الموحشة وبال، وهم على أفرادها،
فالصمت المطبق قاتل، والتنافر الجسدي مهين، والهروب من المشاكل؛ إغراقٌ فيها،
وفضلاً عن أن اللامبالاة وانعدام التعاطف؛ أنانية مقيتة، فإن البرود والإهمال يقتل كل جميل،
وكل ذلك وذاك؛ يتعارض مع “قدسية” البيوت الآمنة والمطمئنة.
فإن كنتما كزوجين؛ عالقين في هذا الأمر البائس، فلن يزول البؤس بتعاقب الأيام.
أيها الكرام؛ إن بيوتكم وأزواجكم وأولادكم نعمٌ عظيمة؛ تستوجب حفظها وشكر منعمها، وإن الشكر ليستوجب الإصلاح، هي مسؤوليتكما؛ أنتم بعون الله من يقيمها إذا انحرفت ومالت، وأنتم من ينعشها ويعمل على إصلاحها.
إن الإصلاح بحق؛ مرتبط بعقد “النيات الصادقة” للتغيير، والمحاطة بقيم العفو، والتسامح، واستذكار الفضل والجميل.
عليك أن تبدأ بنفسك، قيمها وقومها، تنبه لتقصيرك وخطئك وقدم اعتذاراً؛ فذلك لا ينقصك، بل دليل خلقك، وإياك ولوم الآخر، فإن اللوم مجلبة للاستياء والغضب، ولا تقارن نفسك بالآخرين، بل ركز على ما بين يديك من نعم، واجتهد في حفظها، وصونها.
استشعر النعم وتنعم بها مع زوجك وبنيك،
هون عليك وعليهم؛ كن أنت الأكثر حكمة؛ ولا تعقد الأمور،
توجه لهم؛ وانشر سلاماً مشرقاً مشعاً، عانق واحتضن، كن جميل المعشر، بشوش الوجه متبسماً ذا أثر كريم، قدم باقاتٍ من الورد والإحسان، وتنعم بالحب فإنه يجلو ما كان.
وإن فترت مساعيك في الإشراق، فاطلب المشورة المختصة؛ ممن هم أهلٌ لأخذ الرأي والاتفاق،
أنعش حياتك بيديك، خذ بزمام المبادرة؛ فقد أفلح المبادرون، تألق واقشع غيوم الهم والأسى،
وافسح مجالاً لروحك (أن تشرق من جديد).

ريم خليفه

مؤهلة في الخدمة الاجتماعية والإرشاد الأسري | كاتبة في الشأن الاجتماعي | شغوفة بالتعلم والتطوير | ومهتمة بتنمية الوعي في المهارات الحياتية .
زر الذهاب إلى الأعلى