الأمل نقمة أم نعمة؟

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!  ما أضيق كلّ شيء لو لم نمتلك الأمل، لكن هل يصحّ أن يكون الأمل نعمةً دائمًا أم أنّه ينقلب عكسًا فيكون نقمة؟

عندما ترتبك لأيّ شيء يصادفك وتعلق في مأزق ما، لا ترجو إلّا أن تتزوّد ببعض من الأمل تنهي به بعض توتّرك، وترتأي منه حلًا لمعضلتك، فبذلك يساعدك الأمل على أن تكون أكثر استرخاءً، وأنشط ذاكرة للحلّ المرتقب، ويمكن أن يساعدك فعليًا لأنّ الإنسان بطبيعته يميل لأن يتعلّق ولو بقشّة، وقد يمنحه ذلك ثقةً في طريقة تجاوبه مع حوادث الدّهر وما يرتمي إليه.

علاوةً على ذلك فإنّ الأمل نوع من الرضا والتسليم والصّدر المنشرح فيما لو ترافق مع عملٍ يؤهّل استحقاق وجوده، فلولاه لضاقت الأنفس وعند أوّل نازلة بها وقعت في الضيق والتعب وقد يترافق ذلك مع ما يسببه للآخرين من آثار وطاقات سلبيّة لا طائل منها سوى أن تزيد العقد في الحبل. وللأمل خواصّ تكون بمثابة المفتاح أحيانًا للمعوّقات جميعها، فهو شفاء لمرض مستعصٍ، وتفريج همّ مكروب ذاق ما ذاق من المرارة، وتعويض للخسارات المتتالية، فمجرّد وجوده يعني وجود الحلول.

لكن هذا ليس منطقيًا أن تأخذ الأمل معك كذريعة أو وسيلة دون أن يصدر منك تصرّف يساهم في أن يكون للأمل وجود. فكيف مثلًا تتأمّل أن تتعافى دون أن تأخذ الدواء المناسب من الطبيب، وكيف تسدّ ديونك بالأمل دون أن تعمل، وكيف لكَ أن تتعايش مع واقع معاشيّ غير مناسب ولا يتطوّر بالأمل دون أن تخرج بنفسك للبحث عن حياة أفضل. فالأمل ما لم يكن مقرونًا بالعمل لا طائل منه، ولا تتزوّد منه إلّا الخيبة والنتائج العكسيّة، ولن ينفعك حينها وحتّى أنّه لن يكون أملًا، بل وهمًا وسرابًا تغيّر تسميتهما.

وبهذا تحصل على إجابة السؤال المطروح في الأعلى، هل الأمل نعمة أم نقمة؟ الأمر بيدك، ووجوده مقرونًا بالسّعي أكبر باب لأن تنال مرامك في يدك، بينما ستغرق إن تحوّل الأمل إلى زيفٍ تتعلّل به.

صالح هليّل

ماجستير في الخدمة الاجتماعية | دبلوم عالِ في الإرشاد الأسري | أخصائي اجتماعي في وزارة الصحة
زر الذهاب إلى الأعلى