التواصل ضرورة لا رغبة
إذا أمعنا النظر في يومنا والمهام التي نقوم بها نجد أننا في أغلب الأوقات نتعاطى مع الناس من حولنا, فهم شئنا أم أبينا يشكلون جزء كبير من يومنا.
ولو سئلنا أنفسنا الأسئلة التالية :
هل تحتاج إلى التواصل معهم ؟؟
هل أنت ملزم بتكوين علاقات اجتماعية ؟؟
أو حتى تحسين العلاقات من حولك ؟؟
إجابات هذه الأسئلة ستوضح لنا حقيقة وواقع أن العلاقات ليست مجرد جزء من يومك بل هي المكوّن الفعّال للتجارب التي تمر بها، والتي لها التأثير الأكبر على شخصيتك .
و في الواقع نبتلى أحيانا بوجود علاقات مؤذية لمن حولنا، وهنا تكثر خطابات والنصائح المكررة حول الاستغناء والتخطي والتجاوز وهو للأمانة يصح مع بعض العلاقات السامة ولكن ليس مع جميعها فهناك من الناس من هم قريبين منك ومتصلين بك للدرجة التي لا تكون النصائح السابقة واقعية ويمكن تطبيقها.
والواقع يقول أن كثير من آلامنا وأوجاعنا هي من صنع ناس حولنا، ولذلك ليس من المنطق أن نسمح لتجاوزات الآخرين أن تخترق ذواتنا وتشوّه داخلنا بعذر صلة الرحم أو قربهم.
الحل يتفاوت باختلاف نوع العلاقة ومدى قربها؛
أحيانا يتطلب مننا في بعض العلاقات الاختيارية مثل الأصدقاء والأزواج أن ننظر لها وكأنها تجارة أو فرصة عمل، هل أنا مستفيد من هذه العلاقة؟ وهل لها تأثير السلبي أكثر؟ وهو ما يساعدنا أن ننظر ونتعلم كيف ننظر للأمور بحيادية وهو معرفة النقاط السلبية والايجابية وتجاهل السلبي منها وخاصة إذا كان الإيجابي غالب وأكثر تأثير وأهمية لنا والتركيز على الحسن والمحبب للنفس وتواصلنا يكون بتركيز على جوانب الالتقاء والابتعاد عن الاختلافات والتصادمات بقدر الإمكان .
أن نتقن مهارة الحوار توصيل أفكارنا لمن أمامنا وإيجاد نقاط الالتقاء بقدر الإمكان ووضع الحدود لمنع تجاوز الآخرين، فالغاية من الحوار والتواصل مع غيرنا يجب أن يكون مبني على هدف يجعلنا نتبع خطوات وقرارات أساسها الوصول لأهدافنا لا تفريغ مشاعرنا وشتّان ما بين الهدفين.
أن نعي متى نأخذ كلامهم بعين الاعتبار ومتى تكون آراؤهم مجرد وجه نظر من شخص لا يمكن له أن يحدد من أنت وماهي مميزاتك وعيوبك وخاصة أنه لم يخض تجاربك بحلوها ومرها.
نحتاج أن نتواصل مع أنفسنا بالدرجة الأولى وأن نعي ونعرف نقاط قوتها وضعفها ونقبل أننا بشر نستطيع أن نحسن ونطور من أنفسنا ولكن لا نستطيع مطالبتها أن تكون ملاك خالي من العيوب والأخطاء وكذلك من حولنا فهم بشر لهم أخطاءهم وعيوبهم ولكن لهم أيضا إيجابيات وحسنات تشفع لهم.
لابد الأخذ بعين الاعتبار أنه عندما تأخذ من أي علاقة حولك يجب أن تعطي وأن تقيس وهل عطاءك هو بمقدار متساوي مع ما تأخذ وترضى بالقليل لتكسب الكثير لاحقا.
والعبرة هي أن نبني داخلنا وبداخل من حولنا مهارة التوازن في عطائنا، وأن تكون نظرتنا للأمور من حولنا مبني على أسس واقعية تناسبنا، وهو ما يعني أننا لا نجعل المقارنات والصورة المثالية او الرغبات ما تحكمنا وتحدد خياراتنا، وكما أسلفنا التوازن والسعي للتفاهم والحيادية يجب ان تكون المبادئ التي ننطلق منها في حواراتنا وتوصلنا مع الآخرين.